للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الفيض" (١): (فائدة): والحكمة الإلهية في إجراء تلك القصة في بيت النبوَّة بيان صبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وثباته على أحكام الشرع وعدم مجاوزته عن الحدود، فإن سعدًا لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل يرى على امرأته رجلًا، ولم يجد عليه بيِّنة: كيف يفعل؟ قال له: إنه يأتي ببينة أو يُحدُّ حدّ القذف، فقال له سعد: ولكن والله أضربه بالسيف غير مصفح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: انظروا إلى غيرة سعد، وأنا أغير منه، والله أغير مني، ثم نزل اللعان، فكشف الله سبحانه أنه لم يقله لسعد فقط، بل لما ابتلي به ترقب الوحي بنفسه أيضًا، ولم يعجل في أمره ولا احتال لدرئه، ثم إني أجد أنه ما من نبي إلا وقد ابتلي من جهة النساء أيضًا، إلى آخر ما ذكر.

قوله: (ما كشفت من كنف أنثى قط) كتب الشيخ في "اللامع" (٢): يعني: في حرام، انتهى.

قلت: وهكذا أفاد الشيخ قُدِّس سرُّه في "الكوكب الدري (٣) إذ قال: أي: في الحرام لا في الجاهلية ولا في الإسلام، وبسط في "هامشه" الكلام عليه.

قال الكرماني (٤): وهو كناية عن عدم الجماع، ويروى أنه كان حصورًا، وأن معه مثل الهدبة، انتهى.

ويشكل على ذلك ما في أبي داود وفي قصة امرأة صفوان بن معطل هذا من حديث أبي سعيد الخدري: أنها شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن زوجها يفطرها إذا صامت، وأجاب عنه صفوان بأني رجل شاب لا أصبر، قال البزار: هذا الحديث منكر، ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة فدلسه، فصار ظاهر سنده الصحة، وليس للحديث عندي، أصل، وردّه الحافظ، وذكر للحديث متابعة جيدة تؤذن بأن للحديث أصلًا، ثم قال: والجمع


(١) "فيض الباري" (٥/ ٧٤).
(٢) "لامع الدراري" (٨/ ٢٣٥).
(٣) "الكوكب الدري" (٤/ ٢٢٥).
(٤) "شرح الكرماني" (١٦/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>