عن أبي سعيد الخدري قال:"بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علقمة بن مجزز على بعث أنا فيهم، حتى انتهينا إلى رأس غزاتنا - أو كنا ببعض الطريق - أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة السهمي وكان من أصحاب بدر، وكانت فيه دعابة" الحديث، وذكر ابن سعد هذه القصة بنحو هذا السياق، وذكر أن سببها أنه بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن ناسًا من الحبشة تراآهم أهل جده، فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ربيع الآخر في سنة تسع في ثلاثمائة، وانتهى إلى جزيرة في البحر فلما خاض البحر إليهم هربوا، فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهلهم فأمر عبد الله بن حذافة على من تعجل، زاد القسطلاني (١): قال البرماوي: ولعل هذا عذر للبخاري حيث جمع بينهما مع أنه في الحديث لم يسم واحدًا منهما، وترجمة البخاري لعلها تفسير للمبهم الذي في الحديث، انتهى.
وذكر ابن إسحاق أن سبب هذه القصة أن وقاص بن مجزز كان قتل يوم ذي قرد، فأراد علقمة بن مجزز أن يأخذ بثأره فأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه السرية.
قلت: وهذا يخالف ما ذكره ابن سعد، إلا أن يجمع بأن يكون أمر بالأمرين، وأرخها ابن سعد في ربيع الآخر سنة تسع، فالله أعلم.
وأما قوله:(ويقال: إنها سرية الأنصاري) فأشار بذلك إلى احتمال تعدد القصة، وهو الذي يظهر لي لاختلاف سياقهما واسم أميرهما، والسبب في أمره بدخولهم النار، ويحتمل الجمع بينهما بضرب من التأويل، ويبعده وصف عبد الله بن حذافة السهمي القرشي المهاجري بكونه أنصاريًا، وقد تقدم بيان نسب عبد الله بن حذافة في "كتاب العلم"، ويحتمل الحمل على المعنى الأعم، أي: أنه نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجملة، وإلى التعدد جنح ابن القيم، وأما ابن الجوزي فقال: قوله: "من الأنصار" وهم من بعض الرواة وإنما هو سهمي.