للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان السبب فيها ما ذكره ابن سعد وشيخه وغيره قالوا: بلغ المسلمين من الأنباط الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة أن الروم جمعت جوعًا، وأجلبت معهم لخم وجذام وغيرهم من منتصرة العرب، وجاءت مقدمتهم إلى البلقاء، فندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الخروج، وأعلمهم بجهة غزوهم، وروى الطبراني من حديث عمران بن حصين قال: "كانت نصارى العرب كتبت إلى هرقل: أن هذا الرجل الذي خرج يدعي النبوَّة هلك وأصابتهم سنون فهلكت أموالهم، فبعث رجلًا من عظمائهم يقال له: قباذ، وجهز معه أربعين ألفًا، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ولم يكن للناس قوة، وكان عثمان قد جهز عيرًا إلى الشام، فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! هذه مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها، ومائتا أوقية، قال: فسمعته يقول: لا يضر عثمان ما عمل بعدها"، وأخرجه الترمذي والحاكم من حديث عبد الرحمن بن حباب نحوه.

وذكر أبو سعيد في "شرف المصطفى" والبيهقي في "الدلائل": أن اليهود قالوا: يا أبا القاسم إن كنت صادقًا فالحق بالشام فإنها أرض المحشر وأرض الأنبياء، فغزا تبوك لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله تعالى الآيات من سورة بني إسرائيل: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} الآية [الإسراء: ٧٦]، انتهى. وإسناده حسن مع كونه مرسلًا، انتهى (١).

وفي "تاريخ الخميس" (٢): وفي رجب هذه السنة لستة أشهر وخمسة أيام خلت منها وقعت غزوة تبوك، وهي غزوة العسرة، وتعرف بالفاضحة لافتضاح المنافقين فيها، وكانت يوم الخميس في رجب سنة تسع من الهجرة بلا خلاف، ولم يقع في هذه الغزوة قتال، ولكن فتحوا في هذا السفر دومة الجندل، وكانت الروم والشام من أعظم أعداء المسلمين وأهيبهم عندهم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا غزوة ورّى بغيرها إلا غزوة تبوك، فإنه أخبر


(١) "فتح الباري" (٨/ ١١١، ١١٢).
(٢) "تاريخ الخميس" (٢/ ١٢٢ - ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>