للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيحين" (١) للحميدي: "يأتيها في الفرج"، وهو من عنده بحسب ما فهمه، ثم وقفت على سلفه فيه وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصغاني: "زاد البرقاني، يعني: الفرج" وليس مطابقًا لما في نفس الرواية عن ابن عمر لما سأذكره، وقد قال أبو بكر بن العربي في "سراج المريدين": أورد البخاري هذا الحديث في التَّفسير فقال: "يأتيها في" وترك بياضًا، والمسألة مشهورة، صنف فيها محمد بن سحنون جزءًا، وصنف فيها محمد بن شعبان كتابًا، وبيَّن أن حديث ابن عمر في إتيان المرأة في دبرها، انتهى.

ثم ذكر الحافظ عدة روايات عن ابن عمر بطرق مختلفة فيه التصريح بأن الآية نزلت في إتيان النساء في أدبارهن.

وتكلم على هذه الروايات القسطلاني أيضًا وقال (٢): ولم ينفرد ابن عمر بذلك بل رواه أيضًا أبو سعيد الخدري كما عند ابن جرير والطحاوي في "مشكله" بلفظ: إن رجلًا أصاب امرأته في دبرها فأنكر الناس عليه، فأنزل الله الآية، وقد نقل إباحة ذلك عن جماعة من السلف لهذا الحديث وظاهر الآية، ونسبه ابن شعبان لكثير من الصحابة والتابعين ولإمام الأئمة مالك في روايات كثيرة، قال أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" له: المشهور عن مالك إباحته، وأصحابه ينفون هذه المقالة عنه لقبحها وشناعتها، وهي عنه أشهر من أن تندفع بنفيهم عنه، انتهى.

لكن روى الخطيب عن مالك من طريق إسرائيل بن روح قال: سألت مالكًا عن ذلك فقال: ما أنتم قوم عرب هل يكون الحرث إلا موضع الزرع لا تعدو الفرج، قلت: يا أبا عبد الله إنهم يقولون: إنك تقول ذلك، قال: يكذبون علي يكذبون علي. فالظاهر أن أصحابه المتأخرين اعتمدوا على هذه القصَّة، ولعل مالكًا رجع عن قوله الأول، ولذا قال بعض المالكية: إن ناقل إباحته عن مالك كاذب مفتر، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وصاحبيه وأحمد


(١) (٢/ ٢٨٠)، (ح ١٤٤٠).
(٢) "إرشاد الساري" (١٠/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>