للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن جريج، وقيل: إنه وهم في ذلك، وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصَّة جابر هذه الآية الأخيرة من النساء وهي: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: ١٧٦] لأن جابرًا يومئذ لم يكن له ولد ولا والد، والكلالة من لا ولد له ولا والد، وقد أخرجه مسلم والنسائي عن ابن المنكدر: حتى نزلت [عليه] آية الميراث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}، ولمسلم أيضًا من طريق شعبة عن ابن المنكدر قال في آخر هذا الحديث: فنزلت آية الميراث، فقلت لمحمد بن المنكدر: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} قال: هكذا نزلت، وقد تفطن البخاري بذلك فترجم في أول الفرائض: قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] (زاد) إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: ١٢] ثم ساق حديث جابر المذكور وفي آخره: حتى نزلت آية الميراث، ولم يذكر الزيادة (أي: قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ}) فأشعر البخاري بأن الزيادة عنده مدرجة من كلام ابن عيينة.

وقد اضطرب فيه، ففي رواية عنه عند ابن خزيمة: حتى نزلت آية الميراث: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] وقال مرة: حتى نزلت آية الكلالة، وفي رواية عنه عند الترمذي وغيره بلفظ: حتى نزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} فمراد البخاري بقوله في الترجمة "في كتاب الفرائض": إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} الإشارة إلى أن مراد جابا من آية الميراث قوله: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: ١٢] (كما هو يناسب حال جابر) وأما الآية الأخرى وهي قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} فسيأتي في آخر تفسير هذه السورة أنها من آخر ما نزل، فكأن الكلالة لما كانت مجملة في آية المواريث استفتوا منها.

ولم ينفرد ابن جريج بتعيين الآية المذكورة (أي: بقوله: فنزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}) فقد ذكرها ابن عيينة أيضًا وقد أخرجه البخاري أيضًا عن ابن المديني وعن الجعفي مثل رواية قتيبة بدون الزيادة (أي: قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ}) وهو المحفوظ، وكذا أخرجه مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>