للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن مقامهم خارج من النار؛ كقولك: هذا أسفل منه، فبين بهذا التَّفسير أن كلمة "من" ليست صلة في اسم التفضيل بل هي بيانية، فلا يلزم كون الدرك الأسفل سوى النار وأدون منه، وفي الآية إشارة إليه حيث أورد الأسفل معرفًا، واسم التفضيل بعد تعريفه باللام لا يحتاج إلى صلة فلا يكون مقام المنافقين أدون من النار خارجًا منها، انتهى.

قوله: (نفقًا سربًا) وصله ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس، وهذه الكلمة ليست من سورة النساء وإنما هي من سورة الأنعام، ولعل مناسبة ذكرها ها هنا للإشارة إلى اشتقاق النفاق؛ لأن النفاق إظهار غير ما يبطن، كذا وجّهه الكرماني، وليس ببعيد مما قالوه في اشتقاق النفاق أنه من النافقاء وهو جُحر اليربوع، وقيل: هو من النفق وهو السرب حكاه في "النهاية"، انتهى من "الفتح" (١).

وهكذا أفاد الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢) أنه أشار بذلك إلى وجه اشتقاقه منه. . .، إلى آخر ما ذكر فيه وفي هامشه في تأييد كلامه فارجع إليه.

قوله: (عجبت من ضحكه) قال الحافظ (٣): أي: من اقتصاره على ذلك، وقد عرف ما قلت، أي: فهم مرادي وعرف أنه الحق، انتهى.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٤): قوله: "عجبت من ضحكه. . ." إلخ، حيث اكتفى بالضحك ولم يبين لكم ما أردته بكلامي مع أنه قد فهمه، وكان مراده بذلك تحذيرهم من أن يأمنوا من النفاق بأن النفاق قد نزل على قوم كانوا في قرن هو خير من قرنكم وإن لم يكونوا أخيارًا مدة نفاقهم، فإذا وقع النفاق في خير القرون ففي قرنكم هذا هو أولى بالوقوع، فلتكونوا منه على حذر ولا تأمنوا، ولتشتغلوا بتوبة واستغفار، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٨/ ٢٦٦).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ٥٧).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ٢٦٧).
(٤) "لامع الدراري" (٩/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>