للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء من سورة المائدة، وهي على وزن فاعلة بمعنى مفعولة، أي: ميد بها صاحبها، وقال الجوهري: مادهم يميدهم لغة في مارهم من الميرة، ومنه المائدة، وهي خوان عليه طعام، فإذا لم يكن عليه طعام فليس بمائدة وإنما هو خوان، وقال أبو عبيدة: مائدة فاعلة بمعنى مفعولة مثل {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: ٢١] بمعنى مرضية، انتهى.

قلت: وسيأتي في البخاري تفسير لفظ المائدة في "باب قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ. . .} [المائدة: ١٠٣] إلخ.

وقال القسطلاني (١): وهي مدنية إلا {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} [المائدة: ٣] فبعرفة عشيتها، قال في "الينبوع": ومن نسب هذه السورة إلى عرفة فقد سها، بل نزلت بالمدينة سوى الآيات من أولها فإنهن نزلن في حجة الوداع وهو على راحلته بعرفة بعد العصر، انتهى.

وقد روى الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت: "إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ نزلت عليه المائدة كلها، وكادت من ثقلها تدق عضد الناقة". وعن ابن عمر: "آخر سورة أنزلت المائدة والفتح قال الترمذي: حسن غريب، انتهى.

وقال العيني (٢): قال عطاء بن مسلم: نزلت سورة المائدة ثم سورة التوبة، وقال أبو العباس في "مقامات التنزيل": هي آخر ما نزل، وفيها اختلاف في ست آيات. . .، إلى آخر ما ذكر.

قوله: ({وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ١]) يريد قوله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، "واحدها حرام" هو قول أبي عبيدة، وزاد: حرام بمعنى محرم، وقرأ الجمهور بضم الراء، ويحيى بن وثاب بإسكانها، وهي لغة كرسل ورسل، انتهى من "الفتح" (٣) بزيادة.


(١) "إرشاد الساري" (١٠/ ١٩٨).
(٢) "عمدة القاري" (١٢/ ٥٦٢).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>