للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه وجيه، وبه جزم الشيخ في كتاب النكاح إذ قال: دلالة الآية على حرمة التبتل والاختصاء ظاهرة، وإليه يظهر ميل أكثر المفسرين، وإن كان يحتمل إرجاع الضمير إلى المتعة لقربها في الحديث.

وبسط في هامش "اللامع" الكلام في سبب نزول هذه الآية من كلام المفسرين، وفيه: قال الحافظ (١): قوله: "ثم قرأ" في رواية مسلم: "ثم قرأ علينا عبد الله" وظاهر استشهاد ابن مسعود بهذه الآية ها هنا يشعر بأنه كان يرى بجواز المتعة، فقال القرطبي: لعله لم يكن حينئذ بلغه الناسخ ثم بلغه فرجع بعدُ.

قال الحافظ: يؤيده ما ذكره الإسماعيلي أنه وقع في رواية أبي معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد: ففعله ثم ترك ذلك، وفي رواية: ثم جاء تحريمها بعدُ، وفي رواية: ثم نسخ، انتهى مختصرًا.

وقال القرطبي: الخصاء في غير بني آدم ممنوع في الحيوان إلا لمنفعة حاصلة في ذلك كتطييب اللحم أو قطع ضرر عنه، وقال النووي: يحرم خصاء الحيوان غير المأكول مطلقًا، وأما المأكول فيجوز في صغيره دون كبيره، انتهى.

وفي "الدر المختار": وجاز خصاء البهائم حتى الهرة، وأما خصاء الآدمي فحرام، قيل: والفرس، وقيدوه بالمنفعة وإلا فحرام، وإنزاء الحمير على الخيل كعكسه، "قهستاني". قال ابن عابدين: قوله: قيدوه، أي: جواز خصاء البهائم بالمنفعة وهي إرادة سمنها أو منعها عن العضّ بخلاف بني آدم فإنه يراد به المعاصي فيحرم، أفاده الأتقاني عن الطحاوي، انتهى (٢). وسيأتي في كتاب النكاح التبويبُ بقوله: ما يكره من التبتل والخصاء.


(١) "فتح الباري" (٩/ ١١٩).
(٢) "رد المحتار" (٩/ ٥٥٧، ٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>