للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (الفتاح: القاضي) كذا وقع هنا، والفتاح لم يقع في هذه السورة، وإنما هو في سورة سبأ، وكأنه ذكره هنا توطئةً لتفسير قوله في هذه السورة: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: ٨٩]، ولعله وقع فيه تقديم وتأخير من النساخ، فقد قال أبو عبيدة في قوله: {افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا} أي: احكم بيننا، والفتاح القاضي، انتهى كلامه. ومنه ينقل البخاري كثيرًا، انتهى من "الفتح" (١).

قوله: (خيفة: خوفًا) وإيراد "خفية" تنبيه على فرق بينهما، انتهى من "اللامع" (٢).

قلت: ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه ظاهر، وتوضيح المقام أن الإمام البخاري أشار بهاتين الكلمتين إلى الآيتين المختلفتين من سورة الأعراف، وأشار بقوله: "خيفة" إلى ما في آخر سورة الأعراف من قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف: ٢٠٥] وأشار بقوله: "خُفية" إلى ما في أوائل هذه السورة من قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥].

قال الحافظ (٣): قال أبو عبيدة في قوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} أي: خوفًا، وذهبت الواو لكسرة الخاء، وقال ابن جريج في قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} أي: سرًّا، وقوله: "من الإخفاء" فيه تجوز، والمعروف في عرف أهل الصرف من الخفاء؛ لأن المزيد مشتق من الثلاثي، ويوجه الذي هنا بأنه أراد انتظام الصفتين من معنى واحدٍ، انتهى من هامش "اللامع" مختصرًا وملخصًا.


(١) "فتح الباري" (٨/ ٢٩٩).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ٨٦).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>