للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه: أولها مكي إلى قوله - عز وجل -: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [النحل: ٤١] ومن هنا إلى آخرها مدني، وقال السدي: مكية إلا آيتين: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] وقال القرطبي: قال ابن عباس: هي مكية إلا ثلاث آيات نزلت بعد قتل حمزة رضي الله تعالى عنه: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [النحل: ٩٥] الآيات، وقال السخاوي: نزلت بعد الكهف وقبل سورة نوح - عليه السلام -، انتهى.

قوله: ({رُوحُ الْقُدُسِ}) [النحل: ١٠٢] جبريل، ({نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}) [الشعراء: ١٩٣]، قال الحافظ (١): أما قوله: {رُوحُ الْقُدُسِ} جبريل، فأخرجه ابن أبي حاتم بإسناد رجاله ثقات عن عبد الله بن مسعود، وروى الطبري من طريق محمد بن كعب القرظي قال: روح القدس جبريل، وكذا جزم به أبو عبيدة وغيره واحد، وأما قوله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} فذكره استشهادًا لصحة هذا التأويل؛ فإن المراد به جبريل اتفاقًا، وكأنه أشار إلى ردِّ ما رواه الضحاك عن ابن عباس قال: روح القدس: الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى، أخرجه ابن أبي حاتم وإسناده ضعيف.

قوله: (وقال غيره: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] هذا مقدم ومؤخر. . .) إلخ، المراد بالغير أبو عبيدة فإن هذا كلامه بعينه، وقرره غيره فقال: إذا وصله بين الكلامين والتقدير: فإذا أخذت في القراءة فاستعذ، وقيل: هو على أصله لكن فيه إضمار، أي: إذا أردت القراءة؛ لأن الفعل يوجد عند القصد من غير فاصل، وقد أخذ بظاهر الآية ابن سيرين، ونقل عن أبي هريرة وعن مالك وهو مذهب حمزة الزيات فكانوا يستعيذون بعد القراءة، وبه قال داود الظاهري، انتهى.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): قوله: " {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ. . .} " إلخ، فيه تقديم وتأخير، يعني: بحسب الظاهر وليس ترتيب


(١) "فتح الباري" (٨/ ٣٨٤، ٣٨٥).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ١١٥، ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>