للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفلى ورأسه عند قائمة العرش، التاسع: خلق كخلق بني آدم يقال لهم الروح يأكلون ويشربون، لا ينزل ملك من السماء إلا نزل معه، وقيل: بل هم صنف من الملائكة يأكلون ويشربون، انتهى كلامه ملخصًا بزيادات من كلام غيره.

وهذا إنما اجتمع من كلام أهل التَّفسير في معنى لفظ الروح الوارد في القرآن لا خصوص هذه الآية، فمن الذي في القرآن: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: ١٩٣] {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: ٥٢] {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} [غافر: ١٥] {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: ٢٢] {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: ٣٨] {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: ٤]: فالأول جبريل، والثاني القرآن، والثالث الوحي، والرابع القوة، والخامس والسادس محتمل لجبريل ولغيره، ووقع إطلاق روح الله على عيسى.

وقال القرطبي: الراجح أنهم سألوه عن روح الإنسان؛ لأن اليهود لا تعترف بأن عيسى روح الله، ولا تجهلون أن جبريل ملك وأن الملائكة أرواح، وقال الإمام فخر الدين الرازي: المختار أنهم سألوه عن الروح الذي هو سبب الحياة، وأن الجواب وقع على أحسن الوجوه، إلى آخر ما بسط الحافظ الكلام في تعريف الروح إلى أن قال: حتى قيل: إن الأقوال فيها بلغت مائة، انتهى (١).

وهذا الحديث سبق في كتاب العلم في "باب {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا} " [الإسراء: ٨٥] وتقدم شيء من الكلام عليه هناك، وقد تكلم العلماء على مسألة الروح بتصانيف مستقلة، فيها رسالتان أحدهما للحافظ ابن القيم باسم "كتاب الروح" وهو مطبوع قديمًا، والرسالة الثانية للإمام الرازي وقد طبع قريبًا باسم "كتاب النفس والروح".


(١) "فتح الباري" (٨/ ٤٠٢، ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>