للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصنعين بهذا وفي رواية شعبة في الباب الذي يليه: "تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} [النور: ١١] " وهذا مشكل؛ لأن ظاهره أن المراد بقوله: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} هو حسان بن ثابت وقد تقدم قبل هذا أنه عبد الله بن أُبي وهو المعتمد، وقد وقع في رواية أبي حذيفة عن سفيان الثوري عند أبي نعيم في "المستخرج": "وهو ممن تولى كبره"، فهذه الرواية أخفّ إشكالًا.

قوله: (قالت: أو ليس قد أصابه عذاب عظيم) وفي رواية شعبة: قالت: وأي عذاب أشد من العمى؟

قوله: (قال سفيان: تعني ذهاب بصره) زاد أبو حذيفة: "وإقامة الحدود" ووقع بعد هذا الباب في رواية شعبة تصريح عائشة بصفة العذاب دون رواية سفيان.

قوله: (قالت: لكن أنت) في رواية شعبة: قالت: لست كذلك، وزاد في آخره: وقالت: قد كان يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقدم في المغازي من وجه آخر عن شعبة بلفظ: أنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودلّ قول عائشة: لكن أنت، على أن حسان كان ممن تكلم في ذلك، وهذه الزيادة الأخيرة تقدمت هناك أتم من هذا، وتقدم هناك أيضًا في أثناء حديث الإفك، قال عروة: كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول: إنه الذي قال:

فإن أبي ووالدتي وعرضي … لعرض محمد منكم وقاء

انتهى من "الفتح".

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): قوله: "لكن أنت" وإنما قالته ليكون سبب مبالغته في التوبة والاستغفار والانتهاء عن ارتكاب مثله، فيكون ذلك سببًا لمزيد كرامته عند الله تعالى، وقوله: "وأي عذاب أشد من العمى"


(١) "لامع الدراري" (٩/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>