للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشخاص" ومضى أيضًا في أحاديث الأنبياء - عليهم السلام - في "باب وفاة موسى".

قوله: (بعد النفخة الآخرة) وهي نفخة الإحياء، والنفخة الأولى نفخة الإماتة.

قوله: (فلا أدري أكذلك كان؟) أي: أنه لم يمت عند النفخة الأولى واكتفى بصعقة الطور، أم أحيى بعد النفخة الثانية قبلي، وتعلق بالعرش، هكذا فسره الكرماني، والتحقيق في هذا الموضع أن يقال: إن حديث أبي هريرة الذي مضى في الإشخاص: أن الناس يصعقون يوم القيامة فيصعق معهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيكون النبي أول من يفيق، فإذا أفاق يرى موسى - عليه السلام - متعلقًا بالعرش، ولا يدري أنه كان فيمن صعق فأفاق قبله - صلى الله عليه وسلم - أو كان ممن استثنى الله - عز وجل -، وهذا الذي ذكرناه مضمون ذلك الحديث الذي أخرجه في الإشخاص، وفي أحاديث الأنبياء، انتهى (١).

قلت: وتقدم الكلام على قوله: "فأكون أول من يفيق" في هامش "اللامع" (٢) في أول الخصومات، وتقدم أيضًا في "اللامع" (٣) في كتاب الأنبياء ما كتب الشيخ قُدِّس سرُّه: قوله: "فيصعق من في السماوات. . ." إلخ. وهذه الصعقة سوى الصعقة التي تهلك بها الأحياء، وسوى التي تحيى بها الخلائق، وهذه النفخة إنما هي عند إتيان العرش وغيره في أرض المحشر، فينفخ في الصور ليصعق الناس وغيرهم ليخفى الأمر عليهم فلا ينظروا إلى ما يكون هناك إذًا، والاستثناء في قوله تعالى: {إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} جار في تلك الصعقة لا صعقة الموت ونفخة الفناء، فإنها عامة، قال الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] فليتحفظ فإنه غريب، والله تعالى أعلم، انتهى.

وفي هامشه: اختلفوا في عدد الصعقات والنفخات من ثنتين إلى


(١) انظر: "عمدة القاري" (١٣/ ٣٧٧).
(٢) "لامع الدراري" (٦/ ٣٠٠).
(٣) "لامع الدراري" (٨/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>