للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: احفظوني للقرابة، إن لم تتبعوني للنبوة، ثم ذكر ما تقدم عن عكرمة في سبب نزول [هذه الآية في المناقب] وقد جزم بهذا التفسير جماعة من المفسرين، واستندوا إلى ما ذكرته عن ابن عباس من الطبري وابن أبي حاتم، وإسناده واهٍ فيه ضعيف ورافضي، وذكر الزمخشري ها هنا أحاديث ظاهر وضعها، وردّه الزجاج بما صحّ عن ابن عباس من رواية طاوس في حديث الباب، وبما نقله الشعبي عنه، وهو المعتمد، وجزم بأن الاستثناء منقطع.

وفي سبب نزولها قول آخر ذكره الواحدي عن ابن عباس قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة كانت تنوبه نوائب، وليس بيده شيء، فجمع له الأنصار مالًا فقالوا: يا رسول الله! إنك ابن اختنا وقد هدانا الله بك، تنوبك النوائب وحقوق، وليس لك سعة، فجمعنا لك من أموالنا ما تستعين به علينا، فنزلت، وهذه من رواية الكلبي ونحوه من الضعفاء، وأخرج من طريق مقسم عن ابن عباس أيضًا قال: بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأنصار شيء فخطب فقال: "ألم تكونوا ضلالًا فهداكم الله بي" الحديث، وفيه فجثوا على الركب وقالوا: أنفسنا وأموالنا لك فنزلت، وهذا أيضًا ضعيف، ويبطله أن الآية مكية، والأقوى في سبب نزولها [ما ذكره القرطبي في تفسيره] عن قتادة قال: قال المشركون: لعل محمدًا يطلب أجرًا على ما يتعاطاه فنزلت، انتهى (١).

قال القسطلاني (٢): وأما حديث ابن عباس أيضًا عند ابن أبي حاتم: لما نزلت هذه الآية، {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣] قالوا: يا رسول الله! من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم، قال: "فاطمة وولدها - عليهم السلام -"، فقال ابن كثير: إسناده ضعيف، فيه متهم لا يعرف إلا عن شيخ شيعي مخترع، وهو حسين الأشقر، ولا يقبل خبره في هذا المحل، والآية مكية، ولم يكن إذ ذاك لفاطمة أولاد بالكلية فإنها لم تتزوج بعلي إلا


(١) انظر: "فتح الباري" (٨/ ٥٦٤).
(٢) "إرشاد الساري" (١١/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>