للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي مكية ثم وجدنا عامة من نقلنا عنهم تفسير هذه السورة مجمعين على أنها مدنية، وقال الضحاك والسدي: مكية، وفي تفسير ابن النقيب: حكي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن قوله - عز وجل -: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} [محمد: ١٣] نزلت بعد حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرج من مكة، شرّفها الله تعالى، انتهى.

قال القسطلاني (١): قوله: ({أَوْزَارَهَا}) في قوله: تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: ٤] أي: "آثامها" أو آلاتها وأثقالها وهو من مجاز الحذف، أي: حتى تضع أمة الحرب أو فرقة الحرب أوزارها، والمراد انقضاء الحرب بالكلِّيَّة حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم، والمعنى حتى يضع أهل الحرب شركهم ومعاصيهم وهو غاية للضرب أو الشد أو للمن والفداء أو للمجموع يعني أن هذه الأحكام جارية فيهم حتى لا يكون حرب مع المشركين بزوال شوكتهم، وقيل: بنزول عيسى، وأسند الوضع إلى الحرب لأنه لو أسنده إلى أهله بأن كان يقول: حتى تضع أمة الحرب جاز أن يضعوا الأسلحة ويتركوا الحرب وهي باقي كقول القائل:

خصومتي ما انفصلت ولكن … تركتها في هذه الأيام

انتهى.

قال الحافظ (٢): قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} قال: حتى لا يكون شرك، قال: والحرب من كان يقاتله سماهم حربًا، قال ابن التِّين: لم يقل هذا أحد غير البخاري والمعروف أن المراد بأوزارها السلاح، وقيل: حتى ينزل عيسى ابن مريم، انتهى.

قال الحافظ: وما نفاه قد علمه غيره، قال ابن قرقول: هذا التفسير يحتاج إلى تفسير وذلك لأن الحرب لا آثام لها، فلعله كما قال الفراء: آثام أهلها ثم حذف وأبقى المضاف إليه، أو كما قال النحاس: حتى تضع أهل الآثام فلا يبقى مشرك، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٧٢).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>