للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاف تعارض الآيتين فإن كلًا منهما عام من وجه وخاص من وجه، فقوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} الآية [البقرة: ٢٣٤] عام في المتوفى عنهن أزواجهن سواء كن حوامل أم لا، وقوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} عام في المتوفى عنهن سواء كن حوامل أم لا، (كذا في الأصل وفيه سبق قلم والصواب هكذا: قوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} عام في الحوامل سواء كن متوفى عنهن أزواجهن أو مطلقات) فهذا هو السبب في اختيار من اختار عكس الأجلين لعدم ترجيح أحدهما على الآخر فيوجب أن لا يرفع تحريم العدة إلا بيقين وذلك بأقصى الأجلين، غير أن فقهاء الأمصار اعتمدوا على الحديث المذكور، فإنه مخصص لعموم قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} وليس بناسخ لأنه أخرج بعض متناولاتها وحديث السبيعة أيضًا متأخر عن عدة الوفاة لأنه كان بعد حجة الوداع، انتهى من "العيني".

قال الحافظ (١): قوله: (جاء رجل إلى ابن عباس) الحديث، ووقع عند الإسماعيلي: قيل لابن عباس في امرأة وضعت بعد وفاة زوجها بعشرين ليلة أيصلح أن تتزوج؟ قال: لا إلى آخر الأجلين، قال أبو سلمة: فقلت: قال الله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] قال: إنما ذاك في الطلاق، وهذا السياق أوضح لمقصود الترجمة لكن البخاري على عادته في إيثار الأخفى على الأجلى، وقد أخرج الطبري وابن أبي حاتم بطرق متعددة إلى أُبي بن كعب أنه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} المطلقة ثلاثًا أو المتوفى عنها زوجها؟ قال: هي للمطلقة ثلاثًا أو المتوفى عنها، وهذا المرفوع وإن كان لا يخلو شيء من أسانيده عن مقال لكن كثرة طرقه تشعر بأن له أصلًا ويعضده قصة سبيعة المذكورة، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٨/ ٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>