للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين! تزوجت هذه وشرطت لها دارها وإني أجمع لأمري أو لشأني أن أنتقل إلى أرض كذا وكذا، فقال: لها شرطها، فقال الرجل: هلك الرجال إذ لا تشاء امرأة أن تطلق زوجها إلا طلقت، فقال عمر - رضي الله عنه -: المؤمنون على شروطهم عند مقاطع حقوقهم، انتهى.

قلت: واستفيد من هذه القصة أن عمر - رضي الله عنه - ممن يجوز اشتراط الدار كما هو مذهب الحنابلة خلافًا للأئمة الثلاثة كما سيأتي بيان المذاهب، وذكره الإمام البخاري في الشروط التي تحل في النكاح، فعلى هذا مسلك الإمام البخاري في هذا يوافق مذهب الإمام أحمد.

قوله: (أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) تقدم في أول الترجمة أن شروط النكاح على أنواع، ولم يقل بعموم هذا الحديث أحد من الأئمة، قال النووي في "شرح مسلم" (١): قال الشافعي وأكثر العلماء: هذا محمول على شروط لا تنافي مقتضى النكاح بل تكون من مقتضياته ومقاصده كاشتراط العشرة بالمعروف والإنفاق عليها وكسوتها وسكناها بالمعروف ونحو ذلك، وأما شرط يخالف مقتضاه كشرط أن لا يقسم لها ولا يتسرى عليها ولا ينفق عليها ولا يسافر بها ونحو ذلك فلا يجب الوفاء بها، بل يلغو الشرط ويصح النكاح بمهر المثل، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" وقال أحمد وجماعة: يجب الوفاء بالشرط مطلقًا لحديث الباب، والله أعلم، انتهى.

قلت: وترجم الإمام أبو داود على هذا الحديث: "باب في الرجل يشترط لها دارها" فأثبت الإمام أبو داود بهذا الحديث جواز اشتراط الدار كما هو مذهب الإمام أحمد بخلاف الأئمة الثلاثة، فإن لم يف الزوج بالشرط المذكور فلها فسخ نكاحها عند أحمد، والإمام أبو داود - كما ذكرت في محله - حنبلي (٢).


(١) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٥/ ٢١٨).
(٢) انظر: "بذل المجهود" (٨/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>