للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: وأما قول المصنف: "حق إجابة" فيشير إلى وجوب الإجابة، وقد نقل ابن عبد البر ثم عياض ثم النووي الاتفاق على القول بوجوب الإجابة لوليمة العرس، وفيه نظر، نعم المشهور من أقوال العلماء الوجوب، وصرح جمهور الشافعية والحنابلة بأنها فرض عين، ونصّ عليه مالك، وعن بعض الشافعية والحنابلة أنها مستحبة، وذكر اللخمي من المالكية أنه المذهب، وكلام صاحب "الهداية" يقتضي الوجوب مع تصريحه بأنها سُنَّة، فكأنه أراد أنها وجبت بالسُّنَّة وليست فرضًا كما عرف من قاعدتهم، وعن بعض الشافعية والحنابلة: هي فرض كفاية، إلى آخر ما بسط الحافظ في تفاصيل المسألة وشرائطها.

قوله: (ومن أولم سبعة أيام ونحوه) يشير إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين قالت: لما تزوّج أبي دعا الصحابة سبعة أيام، فلما كان يوم الأنصار دعا أُبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهما، فكان أُبَيّ صائمًا فلما طَعِمُوا دعا أُبي وأثنى، وأخرجه البيهقي من وجه آخر أتم سياقًا منه، وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر إلى حفصة، وقال فيه: ثمانية أيام، وإليه أشار المصنف بقوله: "ونحوه" لأن القصة واحدة، وهذا وإن لم يذكره المصنف لكنه جنح إلى ترجيحه لإطلاق الأمر بإجابة الدعوة بغير تقييد، كما سيظهر من كلامه الذي سأذكره وقد نبّه على ذلك ابن المنيِّر (١).

قوله: (ولم يوقت النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا ولا يومين) أخذ ذلك من الإطلاق وقد أفصح بمراده في "تاريخه" فإن أورد في ترجمة زهير بن عثمان الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي من طريق قتادة عن عبد الله بن عثمان الثقفي عن رجل من ثقيف كان يثني عليه إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدري ما اسمه يقوله: قتادة قال: قال رسول الله: "الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف، والثالث رياء وسمعة" قال البخاري: لا يصح إسناده


(١) راجع: "فتح الباري" (٩/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>