للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي هريرة مرفوعًا: "كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله" وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن عجلان وهو ضعيف ذاهب الحديث، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم أن طلاق المعتوه المغلوب على عقله لا يجوز إلا أن يكون معتوهًا يفيق الأحيان فيطلق في حال إفاقته، انتهى.

قال القسطلاني (١): والمعتوه كالمجنون في نقص العقل فمنه الطفل والمجنون والسكران، وذكر أقوالًا أخر في تعريف المعتوه، قلت: قد علمت فيما سبق حكم طلاق المجنون والسكران، وأما طلاق الصبي فقال القسطلاني أيضًا: ولو فرض لبعض الصبيان المراهقين عقل جيد لا يعتبر في التصرفات لأن المدار البلوغ لانضباطه فتعلق به الحكم، وبهذا يبعد ما نقل عن ابن المسيب أنه، إذا عقل الصبي الطلاق جاز طلاقه، وعن ابن عمر جواز طلاق الصبي ومراده العاقل، ومثله عن الإمام أحمد، والله أعلم بصحة هذه النقول، قاله الشيخ كمال الدين ابن الهمام رحمه الله تعالى، وعن ابن عباس عند ابن أبي شيبة: لا يجوز طلاق الصبي، انتهى.

قال الخرقي: وإذا عقل الصبي الطلاق فطلَّق لزمه، قال الموفق (٢): وأما الصبي الذي لا يعقل فلا خلاف فيه أنه لا طلاق له، وأما الذي يعقل الطلاق ويعلم أن زوجته تبين به وتحرم عليه فأكثر الروايات عن أحمد أن طلاقه يقع، اختارها أبو بكر والخرقي وروي نحو ذلك عن ابن المسيب وعطاء والحسن والشعبي وإسحاق، وروى أبو طالب عن أحمد: لا يجوز طلاقه حتى يحتلم، وهو قول النخعي ومالك والثوري وأبي عبيد، وذكر أبو عبيد أنه قول أهل العراق وأهل الحجاز لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم"، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (١٢/ ٤١).
(٢) "المغني" (١٠/ ٣٤٨، ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>