للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلام أسود" فإن فيه تعريضًا لنفيه عنه، يعني: أنا أبيض وهذا أسود فلا يكون مني، انتهى.

قال القسطلاني (١) تحت حديث الباب: وفائدة الحديث المنع عن نفي الولد بمجرد الأمارات الضعيفة بل لا بد من تحقق كأن رآها تزني، أو ظهور دليل قوي كأن لم يكن وطئها، أو أتت بولد قبل ستة أشهر من مبدء وطئها، أو لأكثر من أربع سنين، بل يلزمه نفي الولد لأن ترك نفيه يتضمن استلحاقه واستلحاق من ليس منه حرام، كما يحرم نفي من هو منه، وقال أيضًا: وفي الحديث أن التعريض بالقذف ليس قذفًا، وبه قال الجمهور واستدل به إمامنا الشافعي لذلك، وعن المالكية: يجب به الحدّ إذا كان مفهومًا، انتهى.

قال العيني (٢) في كتاب الحدود: اختلف العلماء في هذا الباب فقال قوم: لا حدّ في التعريض وإنما يحد الحد بالتصريح البين، وبه قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي إلا أنهما يوجبان الأدب والزجر، وعليه يدل تبويب البخاري، وقال الآخرون: التعريض كالتصريح وبه قال مالك والأوزاعي، انتهى.

قلت: ففي "الموطأ": قال مالك: لا حد عندنا إلا في قذف أو نفي أو تعريض يُرى أن قائله إنما أراد بذلك نفيًا أو قذفًا، فعلى من قال ذلك الحد تامًا.

وفي "الأوجز" (٣): قال الباجي: وقد جلد عمر بن الخطاب في التعريض وبه قال عمر بن عبد العزيز، وقال أبو حنيفة والشافعي: ليس في التعريض حدّ، إلى آخر ما بسط. وقال الموفق: واختلفت الرواية عن أحمد في التعريض بالقذف مثل أن يقول لمن يخاصمه: ما أنت بزان، أو ما يعرفك الناس بالزنا، أو يقول: ما أنا بزان، فروى عنه حنبل: لا حدّ عليه، وهو


(١) "إرشاد الساري" (١٢/ ٩٢).
(٢) "عمدة القاري" (١٦/ ١٢٣).
(٣) "أوجز المسالك" (١٥/ ٣٦٩ - ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>