للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١]. . ." إلخ، أي: ولقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ} الآية، واستدل البخاري أيضًا بعموم هذه الآية في وجوب المتعة لكل مطلقة مطلقًا، انتهى.

قلت: وأجاب الجصاص (١) عن الجمهور بقوله: فإن قيل: قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَات مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} الآية، عام في سائرهن إلا ما خصه الدليل، قيل له: هو كذلك إلا أن المتاع اسم لجميع ما ينتفع به؛ قال الله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ} [عبس: ٣١، ٣٢] وقال تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [آل عمران: ١٩٧] وغير ذلك من الآيات، فالمتعة والمتاع اسم يقع على جميع ما ينتفع به ونحن متى أوجبنا للمطلقات شيئًا مما ينتفع به من مهر أو نفقة فقد قضينا عهدة الآية، إلى آخر ما ذكر.

ثم لم أتحصل ما قاله العيني من أن البخاري قائل بالعموم والحال أن المصنف قيد في الترجمة بقوله: للتي لم يفرض لها، فتأمل.

ثم المذكور في الآية شيئان: أحدهما: عدم المسيس وهو واضح، والثاني: تسمية المهر بقوله: {تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦] ولم يتعرض المصنف في الترجمة للأول منهما، وتعرض للثاني بقوله: للتي لم يفرض لها، والظاهر أن المصنف أشار بذلك إلى أن الشيء الثاني منهما داخل تحت النفي، واختلف فيه أقوال المفسرين كما في "الجمل" وغيره، قال أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (٢) في تفسير هذه الآية: تقديره: ما لم تمسوهن ولم تفرضوا لهن فريضة، ألا ترى أنه عطف عليه قوله: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٧] فلو كان الأول بمعنى: ما لم تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة أو لم تفرضوا، لَمَا عطف عليها المفروض لها، فدل ذلك على أن معناه: ما لم تمسوهن ولم تفرضوا لهن فريضة، ثم ذكر تفصيل الخلاف في المسألة.


(١) "أحكام القرآن" (١/ ٤٣٢).
(٢) "أحكام القرآن" (١/ ٤٢٧ - ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>