للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يليه قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} خبر ومعناه أمر لما فيه من الإلزام، أي: لترضع الوالدات أولادهن، يعني: الأولاد من أزواجهن وهن أحق، وليس ذلك بإيجاب إذا كان المولود له حيًّا موسرًا في قوله تعالى في سورة النساء القصرى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وأكثر المفسرين على أن المراد بالوالدات هنا المبتوتات فقط، وقام الإجماع على أن أجر الرضاع على الزوج إذا خرجت المطلقة من العدة، واختلفوا في ذات الزوج هل تجبر على رضاع ولدها؟ قال ابن أبي ليلى: نعم ما كانت امرأته، وهو قول مالك وأبي ثور، وقال الثوري والكوفيون والشافعي: لا يلزمها رضاعه وهو على الزوج على كل حال، وقال ابن القاسم: تجبر على رضاعه إلا أن يكون مثلها لا ترضع، فذلك على الزوج.

قوله: ({وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]) ذكر هذه الآية الكريمة إشارة إلى قدر المدة التي يجب فيها الرضاع، قوله: "وقال {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦]. . ." إلخ، أشار بهذه الآية الكريمة إلى مقدار الإنفاق وأنه بالنظر لحال المنفق، انتهى من "العيني".

وقال العلامة القسطلاني (١): قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} وهذا الأمر على وجه الندب، أو على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه، أو لم يوجد له ظئر، أو كان الأب عاجزًا عن الاستئجار، أو أراد الوالدات المطلقات، وإيجاب النفقة أو الكسوة لأجل الرضاع، قوله: "قال: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} " أي: تضايقتم فلم ترض الأم بما ترضع به الأجنبية ولم يزد الأب على ذلك {فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} فستؤجر ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه، وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة، وقوله: " {لَهُ} " أي: للأب، أي: سيجد الأب غير معاسرة ترضع له ولده إن عاسرته أمه، وفيه أنه لا يجب على الأم إرضاع ولدها، نعم عليها إرضاعه اللبأ - بالهمزة والقصر -


(١) "إرشاد الساري" (١٢/ ١٥٠، ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>