للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم وجد بعد يوم أو بعد يومين، وليس به إلا أثر سهمه فإنه يؤكل، واختلف العلماء فيه؟ فقال الأوزاعي: إذا وجده من الغد ميتًا ووجد سهمه أو أثرًا من كلبه فليأكله، وهو قول أشهب وابن الماجشون، وروي عن مالك، والمعروف عنه خلافه، ففي "الموطأ" و"المدونة": لا بأس بأكل الصيد وإن غاب عنك مصرعه إذا وجدت به أثرًا من كلبك أو كان به سهمك ما لم يبت، فإذا بات لم يؤكل، وعنه الفرق بين السهم فيؤكل، وبين الكلب فلا يؤكل، وقال أبو حنيفة: إذا توارى عنه الصيد والكلب في طلبه فوجده مقتولًا والكلب عنده كرهت أكله، وقال الشافعي: القياس أنه لا يؤكل إذا غاب عنه لاحتمال أن غيره قتله، وقال النووي: الحِلّ أصح، انتهى.

وبسط الكلام على المسألة في "الأوجز" (١) من كتب فروع الأئمة وفيه: قال الخرقي: إذا رماه فغاب عنه، فوجده ميتًا وسهمه فيه، ولا أثر به غيره، حلّ أكله، قال الموفق: هذا هو المشهور عن أحمد، وكذلك لو أرسل كلبه على صيد فغاب عنه، ثم وجده ميتًا ومعه كلبه حلّ، وعن أحمد: إن غاب نهارًا فلا بأس به، وإن غاب ليلًا لم يأكله، وعن مالك كالروايتين، وعن أحمد ما يدل: إن غاب مدةً طويلةً لم يبح، وإن كانت يسيرة أبيح؛ لأنه قيل له: إن غاب يومًا؟ قال: يوم كثير، وكره عطاء والثوري أكل ما غاب، وعن أحمد مثل ذلك، وقال أبو حنيفة: يباح إن لم يكن ترك طلبه، وإن تشاغل عنه ثم وجده لم يبح، انتهى.

وقال النووي في "شرح مسلم" - تحت حديث الباب -: هذا دليل لمن يقول: إذا أثر جرحه فغاب عنه فوجده ميتًا ليس فيه أثر غير سهمه حلّ، وهو أحد قولي الشافعي ومالك، والثاني يحرم، وهو الأصح عند أصحابنا، والثالث يحرم في الكلب دون السهم، والأول أقوى وأقرب إلى الأحاديث الصحيحة، انتهى.


(١) "أوجز المسالك" (١٠/ ٧١، ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>