للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: والصحيح أن له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء، ويدل عليه الكتاب والسُّنَّة الصحيحة المشهورة، انتهى.

لكن محل النزاع هل يقع بالسحر انقلاب عين أو لا؟ إلى آخر ما تقدم في كلام القسطلاني.

قال الحافظ: ونقل الخطابي أن قومًا أنكروا السحر مطلقًا، وكأنه عنى القائلين بأنه تخييل فقط، وإلا فهي مكابرة، وقال في الفرق بين السحر وبين غيره: ونقل إمام الحرمين الإجماع على أن السحر لا يظهر إلا من فاسق وأن الكرامة لا تظهر على فاسق، انتهى.

وفي "الفيض" (١) في الفرق بين المعجزة والسحر: أن السحر يحتاج إلى بقاء توجه نفس الساحر والتفاته إليه وتعلق عزيمته به، فإذا غفل عنه بطل أثره، بخلاف المعجزة فإنها أغنى عنه، وهذا لا ينافي بقاء بعض آثاره كالمرض والصحة، وإنما أريد به بطلانه حيث تأثيره في انقلاب الماهية، كجعل الدراهم دنانير، فتلك الدراهم لا تزال تخيل دنانير ما دام توجهه باقيًا إليها، فإذا انقطع تعود في المنظر كما كانت، ولذا تراهم يحتاجون إلى تجديد سحرهم في الأيام الخاصة ليقوى أثره، انتهى.

وبسط الكلام على حقيقة السحر في "الأوجز" (٢) تحت قول كعب الأحبار: لولا كلمات أقولهن لجعلتني اليهود حمارًا.

وأما حكم السحر تعليمًا وتعلمًا فقال الحافظ (٣): في المسألة اختلاف كثير وتفاصيل ليس هذا موضع بسطها، وقد أجاز بعض العلماء تعلم السحر لأحد أمرين: إما لتمييز ما فيه كفر من غيره، وإما لإزالته عمن وقع فيه، فالأول فلا محظور فيه إلا من جهة الاعتقاد، فإذا سلم الاعتقاد فمعرفة الشيء بمجرده لا تستلزم منعًا، كمن يعرف كيفية عبادة أهل الأوثان


(١) "فيض الباري" (٦/ ١٤١، ١٤٢).
(٢) "أوجز المسالك" (١٧/ ٦٨).
(٣) "فتح الباري" (١٠/ ٢٢٤، ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>