لا هي مؤثرة كما يعتقده أهل الطبيعة، وعلى هذا فالأمر بالفرار وغيره ظاهر، انتهى.
وقال الحافظ (١): قال عياض: اختلفت الآثار في المجذوم، فجاء ما تقدم عن جابر:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل مع مجذوم، وقال: ثقة بالله وتوكلًا عليه" قال: فذهب عمر وجماعة من السلف إلى الأكل معه، ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ، قال: والصحيح الذي عليه الأكثر ويتعين المصير إليه أن لا نسخ، بل يجب الجمع بين الحديثين، وحمل الأمر باجتنابه والفرار منه على الاستحباب والاحتياط والأكل معه على بيان الجواز، انتهى.
هكذا اقتصر القاضي ومن تبعه على حكاية هذين القولين، وحكى غيره قولًا ثالثًا وهو الترجيح، وقد سلكه فريقان:
أحدهما: مسلك ترجيح الأخبار الدالة على نفي العدوى وتزييف الأخبار الدالة على عكس ذلك فأعلّوه بالشذوذ، وبأن عائشة أنكرت ذلك، فأخرج الطبري عنها: أن امرأة سألتها عنه فقالت: ما قال ذلك، ولكنه قال:"لا عدوى"، وقال:"فمن أعدى الأول"؟ وبأن أبا هريرة تردد في ذلك الحكم كما سيأتي، فيؤخذ الحكم من رواية غيره، وبأن الأخبار الواردة في نفي العدوى كثيرة شهيرة بخلاف الأخبار المرخصة في ذلك.
والفريق الثاني: سلكوا في الترجيح عكس هذه المسألة، فردوا حديث "لا عدوى" بأن أبا هريرة رجع عنه، إما لشكه فيه، وإما لثبوت عكسه عنده، قالوا: والأخبار الدالة على الاجتناب أكثر مخارج وأكثر طرقًا، فالمصير إليه أولى، وأما حديث جابر ففيه نظر، وقد أخرجه الترمذي وبيَّن الاختلاف فيه ورجّح وقفه على عمر، انتهى من "الفتح".
قلت: وميل الحافظ إلى الجمع، فإنه قال في الجواب عن كل فريق: