وزاد الحافظ (١): وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على جوازه إذا كان كذلك، واستدل بأحاديث الباب وغيرها، قلت: وقد جمع ابن سيد الناس شيخ شيوخنا مجلدًا في أسماء من نقل عنه من الصحابة شيء من شعر متعلق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وقد ذكر في الباب خمسة أحاديث دالة على الجواز بعضها مفصل لما يكره مما لا يكره، وترجم في "الأدب المفرد": "ما يكره من الشعر"، وأورد فيه حديث عائشة مرفوعًا:"إن أعظم الناس فرية الشاعر يهجو القبيلة بأسرها" وسنده حسن، وأخرجه ابن ماجه من هذا الوجه بلفظ:"أعظم الناس فرية رجل هاجى رجلًا فهجا القبيلة بأسرها" وصححه ابن حبان.
وقال الحافظ أيضًا: ونقل ابن عبد البر الاتفاق على إباحة الحداء، وفي كلام بعض الحنابلة إشعار بنقل خلاف فيه، ومانعه محجوج بالأحاديث الصحيحة، واستدل بجواز الحداء على جواز غناء الركبان المسمى بالنصب وهو ضرب من النشيد بصوت فيه تمطيط، وأفرط قوم فاستدلوا به على جواز الغناء مطلقًا بالألحان التي تشتمل عليها المُوسِيقَى، وفيه نظر، وقال الماوردي: اختلف فيه فأباحه قوم مطلقًا، ومنعه قوم مطلقًا، وكرهه مالك والشافعي في أصح القولين، ونقل عن أبي حنيفة المنع وكذا أكثر الحنابلة إلى آخر ما ذكر.
وقال بعد ذكر حديث الباب: قال الطبري: في هذا الحديث ردّ على من كره الشعر مطلقًا واحتج بقول ابن مسعود: الشعر مزامير الشيطان، وعن أبي أمامة رفعه:"إن إبليس لما أهبط إلى الأرض قال: رب اجعل لي قرآنًا، قال: قرآنك الشعر"، ثم أجاب عن ذلك بأنها أخبار واهية، وهو كذلك، فحديث أبي أمامة فيه علي بن يزيد ألهاني وهو ضعيف، وعلى تقدير قوتها فهو محمول على الإفراط فيه والإكثار منه، كما سيأتي تقريره