للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصافح باليدين، ولما لم يكن في ذلك عند المصنف حديث على شرطه أخرج حديث ابن مسعود في التشهد، فاكتفى عن الاستشهاد على النوع بالاستشهاد على الجنس، فإن التصافح في حديثه كان عند التعليم دون التسليم، وهذا غير ذاك، نعم أخرج لها أثرين، ثم للتصافح باليدين حديث مرفوع أيضًا كما في "الأدب المفرد".

وأراد المدرسون أن يستدلوا عليه بحديث ابن مسعود هذا فقالوا: أما كون التصافح فيه باليدين من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - فالحديث نصّ فيه، وأما كونه كذلك من جهة ابن مسعود فالراوي وإن اكتفى بذكر يده الواحدة إلا أن المرجو منه أنه لم يكن ليصافحه بيده الواحدة والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد صافحه بيديه الكريمتين؛ فإنه يستبعد من مثله أن لا يبسط يديه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - بسط له يديه، غير أن الراوي لم يذكره لعدم كون غرضه متعلقًا بذلك، انتهى.

قلت: وفي "تذكرة الخليل" (١): أنه قد اتفق لشيخنا الفقيه الكبير والمحدث الجليل مولانا خليل أحمد قُدِّس سرُّه أنه صافحه أحد ممن يدعي العمل بالحديث بيد واحدة وصافحه الشيخ بيدين، فاعترض على الشيخ واستدل بحديث ابن مسعود هذا فإنه صافح بيد واحدة، فأجاب شيخنا قُدِّس سرُّه على الفور متبسّمًا بقوله: فنحن على السُّنَّة أم أنتم؟ فبُهِتَ. وأراد الشيخ بذلك أن المصافحة باليدين موافق لفعله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المصافحة بيد واحدة فكان من فعل ابن مسعود - رضي الله عنه -.

وكتب الشيخ في "الكوكب" (٢): قوله: "الأخذ باليد" اللام فيه للجنس فلا تثبت الواحدة، والحق فيه أن مصافحته - صلى الله عليه وسلم - ثابتة باليد وباليدين إلا أن المصافحة بيد واحدة لما كانت شعار أهل الأفرنج وجب تركه لذلك، انتهى.


(١) "تذكرة الخليل" (ص ٢٩٨).
(٢) "الكوكب الدري" (٣/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>