للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ} الآية، وقد تقدم هناك الكلام على دفع ما يتوهم من التكرار بين الترجمتين لاختلاف الغرضين، وأن الغرض ههنا الإشارة إلى اختلاف العلماء في تفسير يمين اللغو، والمسألة خلافية شهيرة بسطت في "الأوجز" (١)، وذكر فيه ثمانية أقوال للعلماء، وذكر مختصرًا في هامش "اللامع" (٢)، وفيه عن تفسير الصاوي (٣): اختلف العلماء في معنى اللغو، فقال الشافعي: هو ما سبق إليه اللسان من غير قصد عقد اليمين، وقال أبو حنيفة ومالك: هو أن يحلف على ما يعتقد فتبين خلافه، انتهى.

وقول الإمام أحمد يجمعها كما حكى الموفق عن نصِّ الإمام أحمد أنه قال: اللغو عندي أن يحلف على اليمين يرى أنها كذلك والرجل يحلف ولا يعقد قلبه على شيء، انتهى.

وجعل ابن الهمام مذهب أحمد موافقًا للحنفية، ورواية له أخرى موافقة للشافعي، انتهى من هامش "اللامع".

وفي "البذل" (٤) عن "البدائع" (٥): وحاصل الخلاف بيننا وبين الشافعي في يمين لا يقصدها الحالف في المستقبل، عندنا ليس بلغو وفيها الكفارة، وعنده لغو لا كفارة فيها، ثم قال: المراد من قول عائشة وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن يمين اللغو ما يجري في كلام الناس: "لا والله، بلى والله" في الماضي، لا في المستقبل، انتهى.

قلت: فعلى هذا حديث عائشة هذا الذي استدل به الشافعية مسلك الحنفية.


(١) "أوجز المسالك" (٩/ ٥٩٢).
(٢) "لامع الدراري" (١٠/ ٩٩، ١٠٠).
(٣) "تفسير الصاوي" (١/ ٤٥).
(٤) "بذل المجهود" (١٠/ ٦١٢، ٦١٣).
(٥) "بدائع الصنائع" (٣/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>