للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وما توارث أهل المدينة. . .) إلخ، أشار بذلك إلى أن مقدار المد والصاع في المدينة لم يتغير لتواتره عندهم إلى زمنه، انتهى.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): وحاصل الترجمة أن العبرة لمكيال المدينة؛ لأنه كان هو الشائع حين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأداء ما يؤدى من المكيلات، فيكون هو المراد لا غير، ثم ذكر الشيخ في "اللامع" توضيح قول السائب: "كان الصاع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مدًّا. . ." إلخ، وفي هامش "اللامع" عن"المشكاة" برواية أبي داود (٢) عن ابن عمر مرفوعًا: "المكيال مكيال أهل المدينة، والميزان ميزان أهل مكة"، انتهى.

قلت: وترجم على هذا الحديث الإمام أبو داود "باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - المكيال مكيال المدينة".

وبسط الشيخ قُدِّس سرُّه في "البذل" (٣) في معنى الحديث، وقال القاري في "شرحه" (٤): لأن أهل المدينة أصحاب زراعات فهم أعلم بأحوال المكاييل، وأهل مكة أهل تجارات فعهدهم بالموازين وعلمهم بالأوزان أكثر، انتهى.

قلت: واختلفوا في مقدار المد، فالمد رطل وثلث عند مالك والشافعي وأحمد، وهو قول أبي يوسف المرجوع إليه على المشهور، وقيل: لا يصح الرجوع، ورطلان عند أبي حنيفة ومحمد، والبسط في "الأوجز" (٥)، وفيه أيضًا: مذهب الشافعي وأحمد اختيار المد الأصغر رطل وثلث، ومذهب الحنفية اختيار المد الأكبر رطلان، وفرّق مالك فقال في الظهار بالمد الأكبر، وفي غيره بالمد الأصغر كما في "الأوجز"، ففي "الموطأ" (٦): قال


(١) "لامع الدراري" (١٠/ ١٢٤، ١٢٥).
(٢) "مشكاة المصابيح" (رقم ٢٨٨٩)، "سنن أبي داود" (رقم ٣٣٤٠).
(٣) "بذل المجهود" (١١/ ٢٥)، (رقم ٣٣٤٠).
(٤) "مرقاة المفاتيح" (٦/ ١٠٨).
(٥) "أوجز المسالك" (٦/ ٢٩٤).
(٦) "موطأ مالك" باب مكيلة زكاة الفطر، كتاب الزكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>