للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): ولعل الوجه في إيراد اللقيط فيه أنه ليس معتقًا لأحد وهو ظاهر، فلا يكون لأحد عليه ولاء العتاقة، ولا هو ممن له ذو قرابة فيحوزوا تركته، فلم يبق إلا بيت المال، انتهى.

قلت: ويستفاد من كلام الشيخ قُدِّس سرُّه أن المقصود بهذه الترجمة هو بيان الولاء للمعتق، كما هي مسألة إجماعية، ولما كان يتوهم في بادئ الرأي أنه ينبغي أن يرث اللاقط اللقيط لكونه بمنزلة المعتق في حق اللقيط، فإنه صار سببًا لحفظ دمه وماله، فأشار المؤلف بذكر اللقيط في الترجمة إلى دفع هذا التوهم، ويؤيده أيضًا أن المصنف لم يذكر في هذا الباب حديثًا مرفوعًا يدلّ على حكم اللقيط في توارثه وعدمه، فلا حاجة حينئذ إلى الاعتذار الذي ذكره الشرَّاح ههنا في عدم إيراد المصنف ما يدلّ على حكم اللقيط، فللّه در الشيخ قُدِّس سرُّه.

قال الكرماني (٢): فإن قلت: أين ذكر ميراث اللقيط؟ قلت: هو مما ترجم عليه ولم يتفق له إلحاق الحديث به، انتهى.

وقال العيني: قوله: "ميراث اللقيط" لم يذكر شيئًا فيه، ثم قال بعد نقل كلام الكرماني المذكور: الظاهر أنه اكتفى بأثر عمر - رضي الله عنه - فإن فيه بيان حكمه، انتهى.

والمسألة خلافية قال العيني (٣): قال عمر: اللقيط حر فإذا كان حرًّا يكون ولاؤه في بيت المال، وإليه ذهب مالك والثوري والشافعي وأحمد، وقال شريح: إن ولاءه لملتقطه، وبه قال إسحاق بن راهويه، وقال أبو حنيفة: له أن ينقل بولائه حيث شاء فإن عقل عنه الذي والاه جناية لم يكن له أن ينقل ولاءه عنه ويرثه، انتهى.

وفي "البدائع" (٤) في أحكام اللقيط: ومنها: أن نفقته من بيت المال؛


(١) "لامع الدراري" (١٠/ ١٣٣ - ١٣٤).
(٢) "شرح الكرماني" (٢٣/ ١٦٩).
(٣) "عمدة القاري" (١٦/ ٣٤).
(٤) "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>