للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفاضل أهل الإيمان" المقصود من مثل هذا الباب كما سيجيء من قوله: "باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها وكذا ما مر من قوله: "يزيد وينقص"، أن الأعمال ليست بداخلة في أصل الإيمان وهو التصديق، وليست بأركان له، بل هي مكملة له، فهي أجزاء للإيمان الكامل، وهذا بعينه مذهب المتكلمين، فلا نزاع هنا أصلًا.

وقوله: "من خردل من إيمان" وصِغَرُ إيمانه هذا باعتبار الكيفية فقط، وذلك لعدم الأعمال له أصلًا، فالحاصل: أن الإيمان يزيد كيفًا بكثرة الأعمال وينقص كيفًا بقلَّتها، حتى إن من لم يكن له أعمال أصلًا يكون إيمانه في غاية الصغر كيفًا، فثبت تفاضل أهل الإيمان في الأعمال.

ويمكن أن يقال: إن قوله في الترجمة "في الأعمال"، شارحة لما في الحديث "من خردل من إيمان وغرضه بيان أن المراد بالإيمان في الحديث هو الأعمال بدليل ما ورد في رواية أخرى بدله لفظ: "من خير"، فيكون حاصل الترجمة أن المؤمنين متفاوتون في الأعمال، فبعضهم عمله أزيد من البعض الآخر، ولكن مع ذلك مقصود البخاري واضح، فإنه بصدد إثبات الزيادة والنقصان في الإيمان، وقد أثبت فيما قبلُ كون الأعمال من الإيمان، فثبت بهذا الباب التفاضل في الإيمان، والله أعلم.

(قال وهيب) أي: لم يشك وهيب كما شك مالك، بل ذكر لفظ الحياة بدون الشك، وروى لفظ "خير" بدل الإيمان، كذا في "تراجم مسند الهند" (١).

(قال: الدين) كتب الشيخ في "اللامع": قوله: "الدين"، ومقتضى زيادته لفظ "الأعمال" في الترجمة أن يحمل الزيادة في دين عمر، وكذلك زيادة من تضمنه الحديث الأول على أن كمالهم في الدين هذا ناشٍ من كثرة القربات، ففيه فضل تنبيه على نفي الجزئية، انتهى.


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>