للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى ذكر مناسبة الآية بالترجمة فإن الآية حينئذٍ كأنها جزء من الترجمة، والله تعالى أعلم بالصواب.

قال القسطلاني (١): والدية هي المال الواجب بالجناية على الحر في نفس أو فيما دونها، وهي مأخوذة من الودي، وهو دفع الدية، انتهى.

قلت: وههنا شيء آخر وهو الأرش، وفرّق الفقهاء بينهما ففي "الدر المختار" (٢): الدية في الشرع: اسم للمال الذي هو بدل للنفس، والأرش: اسم للواجب فيما دون النفس، انتهى.

قلت: فعلى هذا بين الدية والأرش تباين، وقال ابن عابدين: قوله: الدية بدل النفس، زاد الإتقاني: أو الطرف، انتهى. فعلى هذا بينهما عموم [و] خصوص مطلقًا.

وفي "البدائع" (٣): الجناية على الآدمي في الأصل أنواع ثلاثة: جناية على النفس مطلقًا، وجناية على ما دون النفس مطلقًا، وجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه، وقال أيضًا في موضع آخر (٤): فهذه الأنواع مختلفة الأحكام، منها: ما يجب فيه القصاص، ومنها: ما يجب فيه دية كاملة، ومنها: ما يجب فيه أرش مقدر، ومنها: ما يجب فيه أرش غير مقدر، وهو المسمى بالحكومة، وفيه أيضًا في موضع آخر (٥): والأصل فيه، أي: في وجوب الدية نص الكتاب العزيز وهو قوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] والنص وإن ورد بلفظ الخطأ لكن غيره ملحق به.

وقال ابن قدامة في "المغني" (٦): الأصل في وجوب الدية الكتاب والسُّنَّة والإجماع، أما الكتاب فذكر الآية المذكورة، وأما السُّنَّة فروى


(١) "إرشاد الساري" (١٤/ ٣١٩).
(٢) "رد المحتار" (١٠/ ٢٣٠).
(٣) "بدائع الصنائع" (٦/ ٢٧٢).
(٤) "بدائع الصنائع" (٦/ ٣٧٠).
(٥) "بدائع الصنائع" (٦/ ٣٠٨).
(٦) "المغني" (١٢/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>