للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ لو عفا المقتول ثم مات لم يظهر لعفوه أثر؛ لأنه لو عاش تبين أن لا شيء له يعفو عنه.

وقال ابن بطال (١): أجمعوا على أن عفو الولي إنما يكون بعد موت المقتول، وأما قبل ذلك فالعفو للقتيل، خلافًا لأهل الظاهر، فإنهم أبطلوا عفوَ القتيل، وحجة الجمهور أن الولي لما قام مقام المقتول في طلب ما يستحقه فإذا جعل له العفو كان ذلك للأصيل أولى، وقد أخرج أبو بكر بن أبي شيبة من مرسل قتادة: أن عروة بن مسعود لما دعا قومه إلى الإسلام فرمي بسهم فقتل، عفا عن قاتله قبل أن يموت، فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - عفوه، انتهى.

قال العيني (٢): مطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من قوله: "غفر الله لكم" لأن معناه عفوت عنكم؛ لأن المسلمين كانوا قتلوا اليمان أبا حذيفة خطأً يوم أُحد، فعفا حذيفة عنهم بعد قتله، انتهى.

لكن فيه أن الحديث موقوف، وليس من دأب المصنف الاستدلال بالموقوف، ويمكن أن يجاب عنه أن في هذا الحديث زيادة أخرجها أبو إسحاق الفزاري في "سننه" وهي قوله: "فبلغت النبي - صلى الله عليه وسلم - فزاده عنده خيرًا ووداه من عنده".

قوله: (حتى لحقوا بالطائف) قال صاحب "الفيض" (٣): ولم يذكر الراوي هذا الحرف إلا ههنا، وأظنه اختلاطًا منه، فإن هزيمة الكفار يوم أُحد في الكرة الأولى، قد ذكرها الآخرون أيضًا، أما أنهم لحقوا بالطائف الذي بمراحل من أحد، فلم يذكره أحد إلا هذا الراوي فلينظر، انتهى.

قلت: لم يتعرض له الحافظ ولا غيره، ووجّهه والدي الماجد مولانا محمد يحيى نوّر الله مرقده في حاشية نسخته، وهذا لفظه: أي: انهزم


(١) "شرح ابن بطال" (٨/ ٥١٢).
(٢) "عمدة القاري" (١٦/ ١٥٤).
(٣) "فيض الباري" (٦/ ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>