للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف، أي: عوقبوا إن كانت الإصابة تقتضي حدًّا أو تعزيرًا، وقوصصوا إن كانت تقتضي مماثلة، انتهى.

وقال القسطلاني (١): قوله: "هل يعاقب" بفتح القاف مبنيًّا للمفعول، وفي رواية "يعاقبون" بلفظ الجمع، وفي أخرى "يعاقبوا" بحذف النون لغة ضعيفة، أي: يكافأ الذين أصابوه، ويجازون على فعلهم كما وقع في اللدود، "أو يقتص" بالبناء للمفعول، وقيل للفاعل فيهما "منهم كلهم" إذا قتلوه أو جرحوه أو يتعين واحد يقتص منه، ويؤخذ من الباقين الدية، والأول مذهب جمهور العلماء، وروي الثاني عن عبد الله بن الزبير ومعاذ، فلو قتله عشرة فله أن يقتل واحدًا منهم ويأخذ من التسعة تسعة أعشار الدية، انتهى.

وفي "الهداية" (٢): وإذا قتل جماعة واحدًا عمدًا اقتص من جميعهم لقول عمر: "لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم"، انتهى.

قال الكرماني (٣): فإن قلت: ما فائدة الجمع بين المعاقبة والاقتصاص؟ قلت: الغالب أن القصاص يستعمل في الذم والمعاقبة المكافأة والمجازاة، فيتناول اللد ونحوه، فلعل غرضه التعميم، ولهذا فسّرنا الإصابة بالتفجيع ليتناول الكل، انتهى.

وتوضيح المقام بحيث يتضح المرام أن المذكور في الترجمة هو أحد الشقين، أعني: الاقتصاص من الجميع، والشق الثاني غير مذكور ههنا، وهو ما ذكره الشرَّاح من أنه يتعين واحد منهم للاقتصاص، ويؤخذ الدية من الباقين فقول المصنف: "أو يقتص" ليس عديلًا لقوله: "يعاقب" كما يتوهم في بادئ الرأي، بل المجموع بيان لأحد الشقين.

ثم قال الكرماني: وإنما خص الاقتصاص بالذكر ردًا لمثل ما نقل عن


(١) "إرشاد الساري" (١٤/ ٣٥٦).
(٢) "الهداية" (٢/ ٤٥٢).
(٣) "شرح الكرماني" (٢٤/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>