للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمله الإمام مالك، وقال ابن بطال: اختلف في استتابة المرتد فقيل: يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهو قول الجمهور، وقيل: يجب قتله في الحال، وبه قال الحسن وأهل الظاهر، وعليه يدلّ تصرف البخاري، فإنه استظهر بالآيات للتي لا ذكر فيها للاستتابة، وبعموم قوله: "من بدَّل دينه".

قال الطحاوي: ذهب هؤلاء إلى أن حكم من ارتد عن الإسلام حكم الحربي الذي بلغته الدعوة، فإنه يقاتل من قبل أن يدعى، وفي "المحلى": قال النووي: أجمعوا على قتله، واختلفوا في استتابته، فقال الأئمة الأربعة والجمهور: إنه يستتاب، ونقل ابن القصار إجماع الصحابة عليه، وقال أبو يوسف وابن الماجشون وغيرهما: لا يستتاب.

قلت: المعروف عن المالكية وجوب الاستتابة، صرّح به الزرقاني في شرح "الموطأ" كما في "الأوجز". وعن الحنفية: استحبابها كما في "الهداية" وغيره. قال صاحب "الهداية" (١): وعن الشافعي أن على الإمام أن يؤجله ثلاثة أيام، ولا يحل له أن يقتله قبل ذلك، انتهى.

قال ابن الهمام (٢): الصحيح من قولي الشافعي أنه إن تاب في الحال وإلا قتل، انتهى.

قال ابن قدامة في "المغني": لا يقتل المرتد حتى يستتاب ثلاثًا، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم مالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وهو أحد قولي الشافعي، وروي عن أحمد رواية أخرى أنه لا تجب استتابته لكن تستحب، وهذا القول الثاني للشافعي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بدَّل دينه فاقتلوه"، ولم يذكر استتابته، ثم قال: وإذا ثبت وجوب الاستتابة فمدتها ثلاثة أيام، روي ذلك عن عمر - رضي الله عنه -، وبه قال مالك وأصحاب الرأي، وهو أحد قولي الشافعي، وقال في الآخر: إن تاب في الحال وإلا قتل مكانه، وهذا أصح قوليه، انتهى.


(١) "الهداية" (١/ ٤٠٦).
(٢) "فتح القدير" (٥/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>