للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كذبه أو عابه أو تنقصه فقد كفر بالله تعالى، وبانت منه امرأته، فإن تاب وإلا قتل، وكذلك المرأة، إلا أن أبا حنيفة قال: لا تقتل المرأة، وتجبر على الإسلام، انتهى.

وهذا في حق المسلم، وأما الذمي ففي "الدر المختار" (١) في باب الجزية: ولا ينتقض عهده بسبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن عابدين: أي: إذا لم يعلن، فلو أعلن بشتمه أو اعتاده قتل، ولو امرأة، وبه يفتى اليوم، وهذا إن لم يشترط انتقاضه به، أما إذا شرط انتقض به، انتهى.

قال في موضع آخر (٢) في بيان أسباب الرد: والحاصل: أنه لا شك ولا شبهة في كفر شاتم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي استباحة قتله، وهو المنقول عن الأئمة الأربعة، وإنما الخلاف في قبول توبته إذا أسلم، فعندنا - وهو المشهور عند الشافعية - القبول، وعند المالكية والحنابلة عدمه، بناءً على أن قتله حدًا أو لا؟ انتهى.

قلت: وهذا الذي ذكره ابن عابدين من مذاهب الأئمة الأربعة موافق لما تقدم من كتبهم، وأما مذاهبهم في حق الذمي فحاصل ما تقدم من كتبهم أنه ينتقض به عهده عند المالكية والحنابلة مطلقًا فيقتل عندهما، وأما عند الشافعية والحنفية فإن شرط انتقاض العهد به انتقض وإلا فلا، ففي ما إذا انتقض عهدهم عندنا الحنفية التعزير كما في "الدر المختار"، وعند الشافعي يخير الإمام في المن والفداء والرق والقتل، كما في "شرح الإقناع"، وقد أفرد بعض العلماء هذه المسألة بالتصنيف، فقد صنف الشيخ تقي الدين السبكي كتابًا باسم "السيف المسلول على من سبّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -"، وسبقه في ذلك شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحنبلي برسالة مستقلة سماها "الصارم المسلول على شاتم الرسول - صلى الله عليه وسلم -".


(١) "رد المحتار" (٦/ ٣٤٤).
(٢) "رد المحتار" (٦/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>