للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي قبلها، ولو لم يكن في ذلك إلا زمن عمر بن عبد العزيز وهو بعد زمن الحجاج بيسير، وقد اشتهر الخير الذي كان في زمن عمر بن عبد العزيز، بل لو قيل: إن الشر اضمحلَّ في زمانه لما كان بعيدًا فضلًا عن أن يكون شرًّا من الزمن الذي قبله، وقد حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب، وأجاب بعضهم أن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر، فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة في الأحياء، وفي عصر عمر بن عبد العزيز انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وخير القرون قرني" وهو في الصحيحين، وقوله: "أصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" أخرجه مسلم، انتهى من "الفتح" (١).

قوله: (ربّ كاسية في الدنيا. . .) إلخ، قال الحافظ (٢): واختلف في المراد بقوله: "كاسية وعارية" على أوجه: أحدها: كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى، عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا، ثانيها: كاسية بالثياب لكنها شفافة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك، ثالثها: كاسية من نعم الله تعالى عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب، رابعها: كاسية جسدها لكنها تشد خمارها من ورائها فيبدو صدرها فتصير عارية فتعاقب في الآخرة، خامسها: كاسية من خلعة التزوج بالرجل الصالح، عارية في الآخرة من العمل، فلا ينفعها صلاح زوجها كما قال تعالى: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: ١٠١].

وفي الحديث الندب إلى الدعاء والتضرع عند نزول الفتنة ولا سيما في الليل لرجاء وقت الإجابة، انتهى من "الفتح".


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٢١).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>