للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرها استطرادًا رجع إلى الأول، ولما كان آخر أبواب الإيمان "باب السلام من الإيمان" ذكر ليلة القدر متصلًا لقوله تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥] فكان إفشاء السلام في ليلة القدر أكثر من غيرها.

قوله: (إيمانًا واحتسابًا) مناسبة الرواية بالترجمة متوقفة على أن أثر الشيء والحاصل به يلحق به، فلما كان القيام مترتبًا على الإيمان مسببًا عنه كان ملحقًا به وجزء منه، وهذا ملحوظ في كثير من التراجم بعده، ولا يبعد أن يقال في مثل هذه التراجم: إنه غير متصد لإثبات الجزئية حتى يتكلف، وإنما قصد أن يثبت ما هو من مسببات الإيمان ومقتضياته ليقبل المسلم عليه ويفعله، كذا في "اللامع" (١).

وفي هامشه: وهذا مما مشى عليه الشيخ من "باب أمور الإيمان" أن غرض المصنف من هذه الأمور تحريض المسلم على الاتصاف بأمور الإيمان وشعبه.

قال الكرماني (٢): قوله: "احتسابًا" أي: إرادة وجه الله تعالى لا الرياء ونحوه، فقد يفعل الإنسان فعل الخير لكنه لا يفعله مخلصًا بل لرياء أو خوف ونحوه، وهو منصوب لأنه مفعول له، أو تمييز، ولا يصح أن يكون حالًا بمعنى مؤمنًا محتسبًا؛ لأنه لا يدل حينئذ على ترجمة الباب، إذ المفهوم فيه ليس القيام إلا في حال الإيمان.

فإن قلت: فالتمييز والمفعول له أيضًا لا يدلان على الترجمة؟ قلت: من للابتداء، فمعناه، أن القيام منشؤه الإيمان، فيكون للإيمان أو من جملة الإيمان، انتهى مختصرًا.

وتعقب كلامه العيني ورجَّح كونهما حالين وقال (٣): الترجمة غير مرتبة عليه، وإنما هي مرتبة على مباشرة عمل هو سبب لغفران ما تقدم من ذنبه،


(١) "لامع الدراري" (١/ ٥٧٨، ٥٧٩).
(٢) "شرح الكرماني" (١/ ١٥٤).
(٣) "عمدة القاري" (١/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>