للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما براعة الاختتام فقد تقدم في مقدمة "اللامع" (١) من كلام الحافظ حيث قال: والتسبيح مشروع في الختام، فلذلك ختم به "كتاب التوحيد"، والحمد لله بعد التسبيح آخر دعوى أهل الجنة، قال الله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: ١٠]، وقد ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في ختم المجلس ما أخرجه الترمذي وابن حبان وغيرهما عنه مرفوعًا: "من جلس في مجلس وكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، غفر له ما كان في مجلسه ذلك" هذا ما قاله الحافظ ابن حجر (٢).

وأما براعة الاختتام على رأي هذا العبد الضعيف من أن المصنف - رحمه الله - يذكر الرجل وقارئ كتابه في آخر كل كتاب موته، فهذا ظاهر من هذا الباب، وذلك أن الغرض منه إثبات وزن الأعمال، والوزن إنما يكون يوم القيامة وبعد الممات.

قال الكرماني: ذكر هذا الباب ليس مقصودًا بالذات، بل هو لإرادة أن يكون آخر الكلام التسبيح والتحميد، كما أنه ذكر حديث الأعمال بالنيات في أول الكتاب لإرادة بيان إخلاصه فيه.

قال الحافظ (٣): كذا قال، والذي يظهر أنه قصد ختم كتابه بما دلّ على وزن الأعمال؛ لأنه آخر آثار التكليف، فإنه ليس بعد الوزن إلا الاستقرار في إحدى الدارين إلى أن يريد الله إخراج من قضى بتعذيبه من الموحدين، فيخرجون من النار بالشفاعة كما تقدم بيانه.

قال الكرماني (٤): وأشار أيضًا إلى أنه وضع كتابه قسطاسًا وميزانًا يرجع إليه، وأنه سهل على من يسره الله تعالى عليه، وفيه إشعار بما كان عليه المؤلف في حالتيه أوّلًا وآخرًا، تقبل الله تعالى منه وجزاه أفضل الجزاء، انتهى.


(١) "لامع الدراري" (١/ ١١٢).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٥٤٤).
(٣) "فتح الباري" (١٣/ ٥٤٢).
(٤) "شرح الكرماني" (٢٥/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>