للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسط الشيخ قُدِّس سرُّه الكلام على هذين المعنيين للاستحياء في "الكوكب" (١)، ولم يرجح أحدهما على الآخر كما رجحه ههنا، وأيضًا بسط الكلام على هذا الحديث في الجزء السادس من "الأوجز" (٢).

وفي هامش "اللامع" (٣) عن الحافظ: قوله: "فاستحيا" أي: ترك المزاحمة كما فعل رفيقه حياءً من النبي - صلى الله عليه وسلم - وممن حضر، قاله القاضي عياض، وقد بيَّن أنس في روايته سبب استحياء هذا الثاني، فلفظه عند الحاكم: "ومضى الثاني قليلًا ثم جاء فجلس" (٤)، فالمعنى أنه استحيا من الذهاب عن المجلس كما فعل رفيقه الثالث، انتهى.

فكأن الحافظ رجَّح الاستحياء عن الذهاب لرواية الحاكم، واختار الشيخ - رحمه الله - مختار القاضي عياض، وهو مختار الباجي في شرح "الموطأ" كما في "الأوجز".

وأشار الشيخ بقوله: "لأن حمل المطلق. . ." إلخ، إلى الجواب عن رواية الحاكم المذكورة في كلام الحافظ، انتهى ما في هامش "اللامع" مختصرًا.

وكتب شيخ المشايخ في "تراجمه" (٥) كلا المعنيين، ولم يرجح أحدهما على الآخر، فقال: يحتمل وجهين: إما مدحه بأنه استحيا من التفوق على الناس وتخطي رقابهم فاستحيا الله منه وجازاه على ذلك بما يليق به، أو ذمه بأنه استحيا عن أخذ العلم حق أخذه، فجازاه الله على ذلك بحرمانه، انتهى.

وكتب شيخ الهند في "تراجمه" ما تعريبه: المقصود من هذا الباب


(١) "الكوكب الدري" (٣/ ٣٩١).
(٢) انظر الطبعة الجديدة: "لأوجز المسالك" (١٧/ ١٩٠ - ١٩٥).
(٣) "لامع الدراري" (٢/ ١٧)، و"فتح الباري" (١/ ١٥٧).
(٤) "المستدرك على الصحيحين" (٤/ ٢٨٤) (رقم ٧٦٥٣).
(٥) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>