للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ذكره شيخ الهند في الأصل السادس من أصول تراجمه، وقد مرَّ في الأصل الثالث والعشرين من الأصول السبعين المتقدمة في الجزء الأول، ثم قال شيخ الهند: وعلى هذا لم تبق الحاجة إلى ترك المعنى المعروف من لفظ الفهم في العلم والتوجه إلى المعنى الغير الظاهر، وقد علم من فهم أصغر القوم هو ابن عمر، والخفاء على الكبار، تأييد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله يعطي" المذكور في الباب الأول، انتهى.

وما أفاده شيخ الهند قُدِّس سرُّه بقول بعض أهل التحقيق أشار به إلى العلامة السندي إذ قال (١): قوله: "باب الفهم في العلم" أي: بيان أنه مختلف، حتى إن ابن عمر مع صغر سنه فهم ما خفي على الكبار، وليس المراد بيان فضل الفهم إذ لا دلالة للحديث عليه، انتهى.

وقال الحافظ (٢): ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين، أي: بتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع، فقد حرم الخير، وقد أخرج أبو يعلى من وجه آخر ضعيف، وزاد في آخره: "ومن لم يتفقه في الدين لم يبال الله به"، والمعنى صحيح إلى آخر ما فيه.

قوله: (حتى يأتي أمر الله. . .) إلخ، قال القسطلاني (٣): "حتى" غاية لقوله: "لن تزال"، واستشكل بأن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها، إذ يلزم منه أن لا تكون هذه الأمة يوم القيامة على الحق.

وأجيب: بأن المراد من قوله: "أمر الله" التكاليف، وهي معدومة فيها، أو المراد بالغاية هنا تأكيد التأبيد، على حدِّ قوله تعالى: {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: ١٠٧]، أو هي غاية لقوله: "لا يضرهم" لأنه أقرب، ويكون المعنى حتى يأتي بلاء الله فيضرهم حينئذ، فيكون ما بعدها مخالفًا لما قبلها، انتهى.


(١) انظر: "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٢٤).
(٢) "فتح الباري" (١/ ١٦٥).
(٣) "إرشاد الساري" (١/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>