للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والأوجه: أن المصنف اكتفى بذكر قصة موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام لما فيها من خروج نبي لطلب علم، فيستنبط منها خروج آحاد الأمة بالأولوية، ثم قال العيني (١): كان ذكر هذا الباب عقيب "باب ما ذكر في ذهاب موسى إلى الخضر" أنسب وأليق، انتهى.

قلت: ويمكن أن يجاب عن الإمام البخاري أنه من دقائق نظره، فإنه ألحق ترجمة الدعاء بما سبق، لما فيها إشارة إلى سبب غلبة ابن عباس على الحر بن قيس كما تقدم، ولمَّا كان ابن عباس من الأصاغر وكانت المسألة مختلفة فيما بينهم، نَبَّهَ عليه بـ "باب متى يصح سماع الصغير"، فكأن البابين المتوسطين كانا من لواحق الباب الأول، أي: "باب الخروج إلى البحر"، فذكرهما معه، وعلى هذا لم يبق بينه وبين هذا الباب فصل بأجنبي، انتهى ما في الهامش.

قوله: (ورحل جابر مسيرة شهر لحديث واحد)، وهو ما أخرجه المصنف في "الأدب المفرد" وأحمد (٢): "يحشر الناس يوم القيامة عراة" الحديث، وسيأتي عند المصنف في "التوحيد" في باب قوله: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} الآية [سبأ: ٢٣] معلقًا مختصرًا، ويورَد على ما هو المشهور أن المصنف حيث يعلق بالجزم يكون صحيحًا، وبالتمريض يكون ضعيفًا؛ لأنه علَّقه ههنا بالجزم، وفي "التوحيد" بالتمريض.

وردَّه الحافظ فقال (٣): نظر البخاري أدق من المعترض، فإنه إذا ذكر الارتحال فقط جزم لأن الإسناد حسن، وحيث ذكر طرفًا من المتن لم يجزم لأن نسبة الصوت إلى الله تعالى لا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (٢/ ١٠٢).
(٢) انظر: "الأدب المفرد" (ح: ٩٧٠)، و"مسند أحمد" (١/ ٢٢٩)، و"صحيح مسلم" (ح: ٢٨٥٩).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>