للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإتقان والدقة، وعمق البحث والاستيفاء والإنصاف، والاعتدال والتواضع البابغ، والصبر والأناة، وكثرة المصادر وتنوع المعارف.

وقد اهتم الشيخ بالتأليف كما اهتم بالتدريس، فيرى المتتبع لأحوال حياته أنه لم ينقطع عن التأليف في حله وترحاله ومرضه، وهذا كتابه "حجة الوداع" أكمله في يوم وليلة ونصف ليلة، عدا عن الحواشي التي أضافها في الأوقات المتفرقة (١)، وأكمل كتابه "شرح الشمائل للترمذي" خلال يومين أو ثلاثة (٢).

ويلاحظ المتتبع لحياته أنه بدأ يؤلف في أيام دراسته، فكان أول كتاب ألَّفه "شرح ألفية ابن مالك" في علم النحو في ثلاثة أجزاء بـ "اللغة الأردية"، وكان عمره حينئذ نحو ثلاث عشرة سنة (٣).

ولعل أبلغ ما يشير إلى ذلك كثرة مؤلفاته التي تجاوزت المائة، مما يدل دلالة واضحة على اهتمام الشيخ محمد زكريا بتأليف الكتب وتصنيفها منذ الصغر.

كذلك يلاحظ القارئ عند مطالعته لكتبه أنه معترف بفضل المتقدمين، وإن اختلف معهم اختلف بكل أدب واحترام.

يقول العلامة الندوي: يمتاز كتابه بمعرفته لفضل المتقدمين، والأدب معهم، وإيتاء كل ذي حق حقه، والتصريح بأسمائهم، وبالمصادر التي ينقل عنها، والرد عليهم، ويُبين بعض أوهامهم في أدب جم، وتواضع ظاهر، وأسلوب علمي نزيه، وذلك شعار العلماء المتقدمين في كل عصر وطبقة (٤).

وقد قرر الشيخ أن لا يأخذ حقوق الطبع من دور النشر التي نشرت كتبه، وأعلن في الجرائد والصحف أنه ألَّف هذه الكتب ابتغاء لوجه الله


(١) انظر: "حجة الوداع" (ص ٢٠٥).
(٢) "آب بيتي" (٢/ ١٣١).
(٣) "آب بيتي" (٢/ ١٢٥).
(٤) مقدمة "حجة الوداع" لأبي الحسن الندوي (ص ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>