للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك ليلة المعراج كما ثبت في الأحاديث، فلا يصح جعل "حتى الجنة" غاية لرؤية ما لم يره قبل، إلا أن يجعل غاية له بتأويل، أي: ما لم أكن أريته في العالم السفلي، ويمكن أن يقال: لعله رآهما في ذلك الوقت على صفة، أو على وجه ما سبقت الرؤية قبل ذلك على تلك الصفة، إلى آخر ما فيه.

قوله: (بهذا الرجل) اختلفوا في ذلك على أقوال عديدة:

الأول: أن لفظ الرجل من قول الراوي بدل محمد كما يظهر مما في "الأوجز" (١)، قال عياض: يحتمل أنه مُثِّلَ للميت في قبره، والأظهر أنه سمي له، انتهى.

الثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم - مُثِّل له كما تقدم في كلام عياض، وقريب منه ما قيل: إن تصويره - صلى الله عليه وسلم - (فوىو) يكون في يد الملك، وبه بدأ الشيخ في "الكوكب" وهذا هو.

الثالث: والفرق بينه وبين ما قبله أن المراد من الثاني أن صورته - صلى الله عليه وسلم - تمثل في القبر كالمرآة.

الرابع: ما قال الطيبي: عبراه بلفظ "هذا الرجل" الذي فيه تعظيم امتحانًا، كذا في "الأوجز"، وفي هامش "الكوكب": قال أبو الطيب: وإنما أبهما ولم يقولا: هذا الرسول لئلا يلقن بإكرامه وتعظيمه أن المراد به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن المقام مقام الامتحان، انتهى.

الخامس: يكشف الحجابات بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين الميت وهما في قبريهما.

السادس: قال الطيبي وشرَّاح "المصابيح": اللام للعهد الذهني، وفي الإشارة إيماء إلى تنزيل الحاضر المعنوي منزلة الصوري مبالغة، انتهى من "الأوجز".


(١) "أوجز المسالك" (٤/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>