للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في "باب من أعاد الحديث ثلاثًا"، وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): "باب من سمع. . ." إلخ، وعلم بالرواية الموردة فيه جواز ذلك على استحبابه لدوام عائشة - رضي الله عنها - وتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لها عليها، وكان سؤالها عن قوله: "من حوسب هلك" مبنيًا على ما هو أصل الحنفية أن العام يجري على عمومه إلا إذا قامت قرينة، وأما ما استثناه العقل فخارج عن البحث لخروجه عقلًا، والكلام في الشرعيات، ولو كان كل عامٍّ مخصوص البعض كما هو عند الشافعية لما افتقرت إلى السؤال، وحملت الآية على هذا البعض الخارج عن عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حوسب هلك".

وحاصل جوابه - صلى الله عليه وسلم - عن مسألتها: أن الحساب في الآية مجاز عن العرض، سمّاه حسابًا لصورة المحاسبة فيه، وليس حسابًا حقيقةً، فإن الحساب هو استيفاء الدخل باستيفاء الخرج، ولا يكون في العرض مطالبة الحقوق الواجبة بأسرها، ولا المعاتبة على الكبائر والصغائر بتمامها، بل يقتصر على عرض أعماله من الخير والشر فحسب، انتهى.

وفي هامشه: قوله: على ما هو أصل الحنفية، هذه مسألة أصولية مختلفة بين الأئمة، قال صاحب "المنار": إن العام يوجب الحكم فيما يتناوله قطعًا، قال الشارح: قوله: قطعًا، رد على الشافعي حيث ذهب إلى أن العام ظني؛ لأنه ما من عام إلا وقد خُصَّ منه البعض، فيحتمل أن يكون مخصوصًا منه البعض وإن لم نقف عليه، فيوجب العمل لا العلم؛ كخبر الواحد والقياس، ونقول: هذا احتمال ناش بلا دليل وهو لا يعتبر، وإذا خص منه البعض كان احتمالا ناشيًا عن دليل فيكون معتبرًا، فعندنا العام قطعي فيكون مساويًا للخاص، انتهى.

وقوله: "وحاصل جوابه - صلى الله عليه وسلم -" قال الكرماني (٢): وجه المعارضة أن


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٥٤).
(٢) "شرح الكرماني" (٢/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>