للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصل اختلاف الأئمة في ذلك أن من جنى في الحرم يُقتص منه بلا خلاف، سواء كان في النفس أو فيما دونه، وكذلك من جنى خارجه يقتص فيه فيما دون النفس، وأما في النفس فالمسألة خلافية بين الأئمة فيقتص منه في الحرم عند مالك والشافعي، ولا يقتص عند أبي حنيفة وأحمد، بل يُضْطَّرَ إلى الخروج.

قوله: (ألا هل بلغت) قال الحافظ (١): هذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو تكملة الحديث، واعترض قوله: "وكان محمد" إلى قوله: "كان ذلك" في أثناء الحديث، هذا هو المعتمد، فلا يلتفت إلى ما عداه، انتهى.

وما قال ابن سيرين: صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . . إلخ، اختلفوا في المشار إليه بقوله: كان ذلك، فقيل: أي: إخباره عليه الصلاة والسلام بأنه سيقع التبليغ فيما بعد، فيكون الأمر في قوله: "ليبلغ" بمعنى الخبر، وقيل: إشارة إلى تتمة الحديث، وهو أن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه، يعني: وقع تبليغ الشاهد، وقيل: إشارة إلى ما بعده، وهو التبليغ الذي في ضمن "ألا هل بلغت"، كذا في "القسطلاني" (٢).

وفي "تراجم (٣) شيخ المشايخ": قوله: "صدق" أي: وقع ما أمر به، وقد جاء هذا أيضًا في استعمالاتهم.

والظاهر عندي: أن هذا إشارة إلى تتمة الحديث، وهو قوله: "رب مبلغ أوعى له من سامع" فافهم، انتهى.

وهذا الأخير هو المتعين عندي لما يأتي في "باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا ترجعوا بعدي كفارًا" من "كتاب الفتن" بلفظ: "رُبَّ مبلِّغ يبلغه من هو أوعى له، وكان كذلك" (٤).


(١) "فتح الباري" (١/ ١٩٩).
(٢) "إرشاد الساري" (١/ ٣٥٣).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٥٤).
(٤) "صحيح البخاري" (ح: ٧٠٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>