للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاتخذت أبا بكر خليلًا، لكن أخوة الإسلام" إلى آخر الحديث، وغير ذلك من الروايات الواردة في إفادته - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأيام، فأي مانع كان له - صلى الله عليه وسلم - عن نص الإمارة إن كان ضروريًا، فالظاهر أنه عليه الصلاة والسلام لم يعده مهمًا، أو رأى المصلحة في الإبهام، ثم إن كان - صلى الله عليه وسلم - يكتب فالظاهر أنه - عليه السلام - يكتب لأبي بكر رضي الله تعالى عنه كما سيأتي في "باب الاستخلاف" من "كتاب الأحكام" عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد، أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون" (١).

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢) تحت قوله: "فخرج ابن عباس. . ." إلخ، يعني: أن ابن عباس أراد بذلك أنه لما تبين من اختلاف الصحابة ما أدى إلى المقاتلة بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - تأسف على ما فعلوا من الاكتفاء بكتاب الله، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لو نص على خلافة الخلفاء بترتيبها لما كان لأحد مخالفة فيها، فلم تصل النوبة إلى مقاتلة بين الصحابة، وإنما حسن ذلك من عمر لما علم أنه يكتب الخلافة لأبي بكر ونحن متفقون عليه، فلا حاجة إلى تصديعه، واستحسنه النبي - صلى الله عليه وسلم - منه، فلو كانت الكتابة واجبة من الله تعالى لما تركها بقول أحد، ودلالة الرواية على الترجمة ظاهرة، فإنه لو كتب لكتب ما ليس في القرآن من أمور يوصي بها، فعلم جواز كتابة العلم، انتهى.

وبسط في هامشه الكلام على شرح قول الشيخ قُدِّس سرُّه، ونقل العلَّامة السندي (٣) في هامش البخاري أنه قيل: إنما كان هذا الأمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - اختيارًا لأصحابه، فهدى الله عمر لمراده ومَنَعَ من إحضار


(١) "صحيح البخاري" (ح: ٧٢١٧).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ٦٣).
(٣) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>