للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (بشبع بطنه) قال شيخ المشايخ في "تراجمة" (١): هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: يشبع بطنه، أي: يحصل ما يشبع بطنه من القوت؛ لأنه رضي الله تعالى عنه ما كان له مال يتجر به ولا زرع يشتغل به ويأكل منه، فكان يلازم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيتحصل قوته.

وثانيهما: يشبع بطنه، أي: كان يلازمه ما يريده من المدة، ولا يقوم من مجلسه حتى يستوفي حظه منه؛ كقولهم: فلان يحدث شبع بطنه، ويسافر شبع بطنه، انتهى.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٢): قوله: بشبع بطنه، أي: مقتنعًا به ومكتفيًا عن السعي في تحصيل الأموال لعدم أحد ممن يكون له حق عليه، وهذا بيان لشأنه وشأنهم، يبيِّن به سبب كثرة الروايات له، وليس المقصود الازدراء بشأنهم أو تحقيرهم حاشاه من ذلك، انتهى.

وفي هامشه: أن أبا هريرة كان إذ ذاك مسكينًا من أصحاب الصفة أسلمت أمه بعد إسلامه بزمان بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتزوج في زمان مروان.

قوله: (فما نسيت شيئًا بعد) وسيأتي في أول "كتاب البيوع" بلفظ: "فما نسيت من مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك من شيء" (٣)، وجمع بينهما بحملهما على تعدد العمل، فأفاد مرة حفظ مقالة مخصوصة، وأخرى حفظ سائر ما سمعه بعده، أو يحمل لفظة "من" في حديث "كتاب البيوع" على أنه أجلية، أي: بسبب مقالته - صلى الله عليه وسلم -، أو يقال: إن لفظة "من" ابتدائية لابتداء الغاية في الزمان، والمقالة مصدر حينئذ، كما بسط في هامش "اللامع" (٤) في "كتاب البيوع".


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٥٧).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ٦٩).
(٣) "صحيح البخاري" (ح: ٢٠٤٧).
(٤) "لامع الدراري" (٦/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>