للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول في الفرق بين الفطن الذكي والبليد الغبي، وهذا الباب في الفرق بين الشريف والوضيع، انتهى.

قلت: ويشكل عليه أن الشرَّاح صرحوا بأن دون ليس بمعنى الأدون بل بمعنى سوى كما في "الفتح" (١) وغيره.

والأوجه عندي: أن الفرق بين الترجمتين واضح، وهو أن الغرض من الأولى ترك بعض الأقوال أو الأفعال المختارة لقصور فهم بعض الرجال عنه غير الغرض من الثانية، وهو جواز تخصيص بعض الطلبة الأذكياء في الدرس، وأنه غير داخل في كتمان العلم، ولا في كون العلم سرًّا ولا في منع العلم.

وكتب شيخ الهند في الترجمة الأولى: يعني: لو خيف ابتلاء قاصر الفهم بإظهار الأمر المختار في مضرة هي أضر من ترك الأمر المختار، فينبغي للعلماء أن يتركوا ذلك الأمر المختار.

وكتب في الترجمة الثانية: أن غرض الترجمة ظاهر، وهو أن مراعاة المخاطبين في التعليم والتبليغ لازم للعلماء، فلا ينبغي أن يذكر عندهم ما لا يفهمه المخاطب، وقول المرتضى كرم الله وجهه دليل صريح على ذلك، انتهى.

والأوجه عندي: أن قول المرتضى - رضي الله عنه - أيضًا يؤيد ما قلته من أنه لا ينبغي عند الأغبياء كلام لا يدركه أفهامهم، فلا بأس على هذا أن يمنعهم عن الحضور في الدرس.

قوله: (كانت تسر إليك) في "تقرير المكي" (٢): كانت عائشة تخص الأسود ببعض العلم لزيادة فهمه على فهم ابن الزبير مع أنه كان ابن اختها وأسود كان تلميذًا محضًا، انتهى.

قوله: (بكفر) أي: بادر ابن الزبير بهذا اللفظ فقط، أو أكمل الحديث بتمامه، قولان عن الشراح.


(١) "فتح الباري" (١/ ٢٢٥).
(٢) انظر: "لامع الدراري" (٢/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>