للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن شهاب اختلفا في روايتهما له عن حمران عن عثمان، فحدثه به عن عطاء على صفة، وعروة على صفة، وليس ذلك اختلافًا، وإنما هما حديثان متغايران، وقد رواهما معاذ بن عبد الرحمن، إلى آخر ما بسطه الحافظ.

زاد القسطلاني (١): فأما صفة تحديث عطاء فتقدمت، وأما صفة تحديث عروة عنه فأشار إليها بقوله: "فلما توضأ عثمان" عطف على محذوف، تقديره: عن حمران أنه رأى عثمان دعا بإناء [فأفرغ على كفيه] إلى أن قال: فغسل رجليه إلى الكعبين، فلما توضأ قال، الحديث.

قوله: (لولا آية ما حدثتكموه. . .) إلخ، كتب شيخ المشايخ في "تراجمه" (٢): قاله - رضي الله عنه -؛ لأنه خاف أن لو سمع الناس بمثل هذه البشارة اجترأوا على المعاصي وقالوا: يغفر الله لنا بهذا العمل اليسير ولنفعل ما نشاء، وقال مالك - رحمه الله - في توجيه مثل هذا الكلام من عثمان: إنه قال ذلك؛ لأنه خاف أن الناس يستبعدونه فلا يقبلونه فيقعون في الإنكار ويكذبون عثمان في رواية الحديث ويأثمون، لكن الآية التي قدرها عروة لا تلصق بهذا التوجيه، بل الآية التي أوردها عثمان على هذا التوجيه قوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]، فمعنى الكلام: أن الحديث يؤيده النص من القرآن، فلم يمكن لكم إنكاره وإن استبعدتموه مني، ولولا هذه الآية لما حدثتكموه خوفًا من طعنكم في الدين وإنكاركم الحديث، فافهم هذا المقام فإنه مما زَلّ فيه أقدام الشرَّاح فخبطوا كثيرًا، والله الهادي وإليه الرشاد، انتهى.

قلت: الحديث الذي أخرجه مالك في "الموطأ" (٣) بلفظ: "لولا أنه


(١) "إرشاد الساري" (١/ ٤٣٨).
(٢) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٧٤).
(٣) "موطأ مالك" (رقم ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>